الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: نصب الراية لأحاديث الهداية **
- حديث آخر: أخرجه أبو داود، ومسلم عن زياد بن جبير، قال: كنت مع ابن عمر بمنى، فمر برجل وهو ينحر بدنته، وهي باركة، فقال: ابعثها قيامًا مقيدة، سنة محمد ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، انتهى. وروى الواقدي في "كتاب المغازي" حدثني الهيثم بن واقد عن عطاء بن أبي مروان عن أبيه عن ناجية ابن جندب، قال: كنت على هدي رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ في حجة، إلى أن قال: فلما بلغنا منزل رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ بمنى أرسل إلي: أن سق الهدي إلى النحر، قال: فرأيت رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ ينحر الهدي بيده، وأنا أقدمها إليه، تمشي على ثلاث قوائم، وهي معقولة واحدة، مختصر. - حديث آخر: أخرجه أبو داود [عند أبي داود في "باب كيف تنحر البدن" ص 246 - ج 1.] عن ابن جريج عن ابن الزبير عن جابر، قال: وأخبرني عبد الرحمن بن سابط أن النبي عليه السلام، وأصحابه كانوا ينحرون البدنة معقولة اليد اليسرى، قائمة على ما بقي من قوائمها، انتهى. وجهل من قال: هذا حديث مرسل، فإن المخبر عن عبد الرحمن بن سابط هو ابن جريج، فالحديث من مسند جابر، كما ذكره أصحاب "الأطراف"، وكتب الأحكام وغيرهم، لكن رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" عن ابن جريج عن عبد الرحمن بن سابط أن النبي عليه السلام، فذكره مرسلًا، قال ابن القطان في "كتابه"، بعد أن ذكره من جهة أبي داود: القائل: وأخبرني، هو ابن جريج، فيكون ابن جريج رواه عن تابعين: أحدهما: أسنده، وهو أبو الزبير، والآخر: أرسله، وهو عبد الرحمن بن سابط، قال: وقد رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" مرسلًا عن ابن سابط فقط، مفصولًا من حديث أبي الزبير، انتهى كلامه. واعترض هذا الجاهل أيضًا على صاحب الكتاب، فقال: ولو استدل على عقل يدها اليسرى بفعل النبي عليه السلام لكان أولى من أن يستدل عليه بفعل الصحابة رضي اللّه عنهم، وهذا اعتراض باطل، فإن المصنف لم يذكر ذلك، فيستدل عليه، ولكنه قال: والأفضل أن ينحرها قائمًا، لما روي أنه عليه السلام نحر الهدايا قيامًا، وأصحابه كانوا ينحرونها قيامًا، معقولة اليد اليسرى، انتهى. فعقل اليد لم يذكره المصنف إلا من تمام الحديث، واللّه أعلم. - الحديث السابع: روي أنه عليه السلام - ساق مائة بدنة في حجة الوداع، فنحر نيفًا وستين بنفسه، وولى الباقي عليًا. قلت: تقدم ذلك في حديث جابر الطويل، ثم انصرف إلى المنحر، فنحر ثلاثًا وستين بيده، ثم أعطى عليًا فنحر ما غبر، الحديث. وتقدم فيه أيضًا: وقدم علي من اليمن ببدن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، إلى أن قال: فكان جماع الذي قدم به علي من اليمن، والذي أتي به النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ مائة، وروى أحمد في "مسنده" [ما تقدم من حديث أحمد غير هذا الحديث سندًا ومتنًا، وذكر هذا الحديث أحمد في "مسنده" ص 314 - ج 1.] من حديث محمد بن عبد الرحمن ابن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس، قال: أهدى رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ في حجة الوداع مائة بدنة، فنحر منها ثلاثًا وستين، ثم أمر عليًا فنحر ما بقي منها، مختصر. وهو مسند ضعيف، وقد تقدم بتمامه قريبًا، وأخرجه البخاري [عند البخاري في "باب لا يعطى الجزار من الهدي شيئًا" ص 232 - ج 1] عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي بن أبي طالب أن النبي عليه السلام أهدى مائة بدنة، فأمرني بلحومها، فقسمتها، ثم أمرني بجلالها فقسمتها، ثم جلودها فقسمتها. - الحديث الثامن: قال عليه السلام لعليٍّ: - "تصدق بجلالها وخطامها، فلا تعط أجر الجزار منها"، قلت: رواه الجماعة [عند البخاري في "مواضع" ص 232 - ج 1، وعند مسلم في "باب الصدقة بلحوم الهدايا وجلودها وجلالها، وأن لا يعطى الجزار منها" ص 423، ص 424.] - إلا الترمذي - من حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي، قال: أمرني رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ أن أقوم على بدنه، وأقسم جلودها وجلالها، وأمرني أن لا أعطي الجزار منها شيئًا، قال: نحن نعطيه من عندنا، انتهى. وفي لفظ، وأن أتصدق بجلودها وجلالها، وفي لفظ: أن نبي اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ أمره أن يقوم على بدنه، وأمره أن يقسم بدنه كلها، لحومها وجلالها وجلودها في المساكين، ولا يعطي في جزارتها منها شيئًا، انتهى. ولم يقل البخاري فيه: نحن نعطيه من عندنا، وقال فيه: أهدي النبي عليه السلام، مائة بدنة، فأمرني بلحومها فقسمتها، ثم أمرني بجلالها فقسمتها، ثم بجلودها فقسمتها، انتهى. قال السرقسطي في "غريبه": جزارتها - بضم الجيم، وكسرها - فبالكسر المصدر، وبالضم اسم لليدين والرجلين والعنق، سمي به لآن الجزارين كانوا يأخذونها في أجرهم، انتهى. - الحديث التاسع: روي أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ رأى رجلًا يسوق بدنة، فقال: - اركبها ويلك، قلت: رواه الجماعة، فأخرجه مسلم والبخاري [حديث أنس، عند البخاري في "باب ركوب البدن" ص 229 - ج 1، وبهذا اللفظ في "البخاري - في باب تقليد النعل" ص 230 - ج 1، وعند مسلم في "باب جواز ركوب البدنة" ص 426 - ج 1] عن ثابت عن أنس، وزاد البخاري في حديث أبي هريرة، قال: فلقد رأيته راكبها يساير النبي عليه السلام، انتهى. وأخرجه الباقون عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ رأى رجلًا يسوق بدنة، فقال: اركبها، فقال: إنها بدنة، قال: اركبها ويلك، والثانية، أو في الثالثة، انتهى. وصاحب الكتاب استدل بهذا الحديث على جواز ركوب الهدي عند الاحتياج إليه، قال: وتأويله أنه كان عاجزًا محتاجًا، قلت: قد ورد اشتراط الحاجة في "صحيح مسلم" أخرجه عن معقل عن أبي الزبير، سألت جابرًا عن ركوب الهدي، فقال: سمعت رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، يقول: "اركبها بالمعروف حتى تجد ظهرًا"، وأخرجه عن ابن جريج، قال: أخبرني أبو الزبير، قال: سمعت جابر بن عبد اللّه يسأل عن ركوب الهدي، فقال: سمعت النبي عليه السلام يقول: "اركبها بالمعروف إذا ألجئت إليها حتى تجد ظهرًا"، انتهى. - الحديث العاشر: قال المصنف: - وإذا عطبت البدنة في الطريق، فإن كان تطوعًا نحرها، وصبغ نعلها بدمها، وضرب بها صفحة سنامها، ولم يأكل هو ولا غيره من الأغنياء، وبذلك أمر رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ ناجية الأسلمي. قلت: تقدم حديث ناجية في "الحديث الثالث"، وليس فيه قوله: ولا تأكل منه أنت، ولا أحد من رفيقك، ثم وجدناه في "المغازي" للواقدي، وقد تقدم في "الحديث الثالث"، وإنما هو في حديث ذؤيب، ورواه مسلم، وقد ذكرناه، وفي الباب أحاديث: منها حديث عمرو بن خارجة: أخرجه الطبراني في "معجمه" عن شريك عن ليث عن شهر ابن حوشب عن عمرو بن خارجة الثمالي، قال: بعث رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ معي بهدي تطوع، وقال: إذا عطب منها شيء فانحره، ثم اضرب نعله في دمه، ثم اضرب به صفحته، ولا تأكل أنت ولا أهل رفيقك، وخل بينه وبين الناس، انتهى. ورواه أحمد في "مسنده"، ولم يقل فيه: تطوع.
|