الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: نصب الراية لأحاديث الهداية **
فيه حديث: سبعة يظلهم اللّه في ظله إمام عادل، أخرجه البخاري، ومسلم [عند مسلم في "الزكاة - باب فضل إخفاء الصدقة" ص 331 - ج 1، وعند البخاري فيه "باب الصدقة باليمين" ص 191 - ج 2.] في "الزكاة" عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، قال: سبعة يظلهم اللّه في ظله، يوم لا ظل إلا ظله: الإمام العادل، وشاب نشأ بعبادة اللّه، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في اللّه عز وجل، اجتمعا عليه وتفرقا عليه. ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف اللّه، ورجل تصدق فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر اللّه خاليًا ففاضت عيناه، انتهى. ولفظ مسلم: حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله، والأول لفظ البخاري، قال عبد الحق في "الجمع بين الصحيحين": وهو المعروف، وفي رواية لمسلم: ورجل قلبه معلق بالمسجد إذا خرج منه حتى يعود إليه، واللّه أعلم. - حديث آخر: أخرجه مسلم [عند مسلم قبيل "الفتن - باب الصفات التي يعرف بها في الدنيا أهل الجنة" ص 385 - ج 1، وفي "المستدرك - في أوائل الأحكام" ص 88 - ج 4] عن عياض بن حماد أنه سمع النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ يقول في خطبته: أصحاب الجنة ثلاث: ذو سلطان مقسط، ورجل رحيم القلب لكل ذي قربى، ومسلم عفيف ذو عيال، مختصر، أخرجه قبيل "الفتن"، ووهم الحاكم في "المستدرك" فرواه في "الأحكام"، وقال: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. - حديث آخر: عن عبد اللّه بن عمرو أن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، قال: "إن المقسطين في الدنيا على منابر من نور عن يمين الرحمن، وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم، وأهلهم، وما ولوا، انتهى. أخرجه مسلم [عند مسلم في "الامارة ص 121 - ج 2 - باب فضيلة الأمير العادل" ص 121 - ج 2، وفي "المستدرك - في الأحكام" ص 88 - ج 4، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجاه جميعًا، ولكن قال الزيلعي المخرج: أخرجه مسلم فقط، ووافقه الحافظ ابن حجر في "الدراية"]. - حديث آخر: أخرجه الترمذي [عند الترمذي في "الأحكام - باب ما جاء في الإمام العادل" ص 171 - ج 1] عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ: إن أحب الناس إلى اللّه يوم القيامة، وأدناهم مجلسًا منه إمام عادل، قال ابن القطان في "كتابه": وعطية العوفي مضعف، وقال ابن معين فيه: صالح، فالحديث به حسن، انتهى. - حديث آخر: رواه البيهقي في "كتاب الأسماء والصفات" أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان ثنا أحمد بن عبيد الصفار ثنا إبراهيم بن إسحاق ثنا أحمد بن يونس ثنا زهير ثنا سعد الطائي عن أبي مدلة أنه سمع أبا هريرة عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، قال: ثلاثة لا ترد دعوتهم: الإمام العادل، والصائم حتى يفطر، ودعوة المظلوم"، انتهى. - حديث آخر: رواه البيهقي أيضًا من طريق ابن لهيعة عن عبيد اللّه بن أبي جعفر عن عمرو ابن الأسود عن أبي أيوب، قال: قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ: "يد اللّه مع القاضي حين يقضي"، وقال: فقد تفرد به ابن لهيعة، انتهى. وفي "الطبقات" لابن سعد [عند ابن سعد في "الطبقات - في ترجمة مسروق بن الأجدع" ص 55 - جزء الأول من الحصة السادسة - .] عن الشعبي، قال: كان مسروق قاضيًا، وكان لا يأخذ على القضاء رزقًا، وقال: لأن أقضي بقضية فأوافق الحق، أحب إليّ من رباط سنة في سبيل اللّه، انتهى. - الحديث الخامس: قال عليه السلام: - "من طلب القضاء، وكل إلى نفسه، ومن أجبر عليه نزل عليه ملك يسدده". قلت: أخرجه أبو داود، والترمذي، وابن ماجه [عند أبي داود في "القضاء - باب في طلب القضاء" ص 147 - ج 2، وعند الترمذي في "الأحكام - باب ما جاء عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في القاضي" ص 170 - ج 1، وعند ابن ماجه في "الأحكام - باب ذكر القضاة" ص 168، وفي "المستدرك في الأحكام" ص 92 - ج 4، وصححه، وتبعه الذهبي في تلخيصه، فصححه.] عن إسرائيل عن عبد الأعلى بن عامر الثعلبي عن بلال عن أبي موسى، ويقال: ابن مرداس عن أنس، قال: قال: رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ: من سأل القضاء، وكل إلى نفسه، ومن أجبر عليه نزل إليه ملك فسدده، انتهى. ولفظ أبي داود فيه: من طلب القضاء، واستعان عليه، وكل إليه، ومن لم يطلبه، ولم يستعن عليه أنزل اللّه ملكًا يسدده، انتهى. وأخرجه الترمذي أيضًا عن أبي عوانة عن عبد الأعلى الثعلبي عن بلال بن مرداس الفزاري عن خيثمة عن أنس مرفوعًا: من ابتغى القضاء، وسأل فيه شفعاء، وكل إلى نفسه، ومن أكره عليه أنزل اللّه عليه ملكًا يسدده، انتهى. وقال: حسن غريب، وهو أصح من حديث إسرائيل، انتهى. وبالسند الأول رواه أحمد، وإسحاق بن راهويه، والبزار في "مسانيدهم"، والحاكم في "المستدرك"، وقال: حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، انتهى. وذهل المنذري في "مختصره" عن ابن ماجه، فعزاه للترمذي فقط، قال ابن القطان في "كتابه": هذا حديث يرويه أبو عوانة عن عبد الأعلى عامر الثعلبي عن بلال بن مرداس عن خيثمة عن أنس، قال: وخيثمة بن أبي خيثمة البصري لم تثبت عدالته، قال ابن معين: ليس بشيء، وبلال ابن مرداس الفزاري مجهول الحال، روى عنه عبد الأعلى بن عامر، والسدي، وعبد الأعلى بن عامر ضعيف، قال: والعجب من الترمذي، فإنه أورد الحديث من رواية إسرائيل عن عبد الأعلى عن بلال بن أبي موسى عن أنس، ثم قال في رواية أبي عوانة المتقدمة: إنها أصح من رواية إسرائيل [قال ابن الهمام في "الفتح" ص 460 - ج 5: وأصح من الكل حديث البخاري، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: يا عبد الرحمن بن سمرة لا تسأل الامارة، فإنك إن أوتيتها عن مسألة، وكلت إليها، وإن أوتيتها عن غير مسألة أعنت عليها، انتهى.] قال: وإسرائيل أحد الحفاظ، ولولا ضعف عبد الأعلى كان هذا الطريق خيرًا من طريق أبي عوانة الذي فيه خيثمة، وبلال، انتهى كلامه. - قوله: روي أن الصحابة رضي اللّه عنهم تقلدوا القضاء من معاوية، والحق كان بيد علي في نوبته، والتابعون تقلدوا القضاء من الحجاج وكان جائرًا، قلت: تولى أبو الدرداء القضاء بالشام وبها مات، وكان معاوية استشاره فيمن يولي بعده، فأشار عليه بفضالة بن عبيد الأنصاري، فولاه الشام بعده، وأما إن الحق كان بيد علي في نوبته، فالدليل عليه قول النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ لعمار: "تقتلك الفئة الباغية"، ولا خلاف أنه كان مع علي، وقتله أصحاب معاوية، قال إمام الحرمين في "كتاب الإرشاد": وعلي رضي اللّه عنه كان إمامًا حقًا في ولايته، ومقاتلوه بغاة، وحسن الظن بهم يقتضي أن يظن بهم قصد الخير، وإن أخطأوه، وأجمعوا على أن عليًا كان مصيبًا في قتال أهل الجمل، وهم طلحة، والزبير، وعائشة، ومن معهم، وأهل صفين، وهم معاوية، وعسكره، وقد أظهرت عائشة الندم، كما أخرجه ابن عبد البر في "كتاب الاستيعاب" عن ابن أبي عتيق، وهو عبد اللّه بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، قال: قالت عائشة لابن عمر: يا أبا عبد الرحمن، ما منعك أن تنهاني عن مسيري؟! قال: رأيت رجلًا غلب عليك - يعني ابن الزبير - فقالت: أما واللّه لو نهيتني ما خرجت، انتهى. وفي "الطبقات" لابن سعد أن عثمان أفرد معاوية بالشام، فلما ولي علي بن أبي طالب الخلافة بعد عثمان، فال: معاوية: واللّه لا ألي له شيئًا أبدًا، ولا أبايعه، ولا أقدم عليه، حتى كانت الوقعة بينهما بصفين، في المحرم، سنة سبع وثلاثين، فاقتتلوا قتالًا شديدًا، ورجع عليّ الكوفة بأصحابه مختلفين عليه، ورجع معاوية إلى الشام بأصحابه متفقين عليه، وأقر فضالة بن عبيد الأنصاري على قضائه بالشام، مختصر. - وأما تقلد الولاية من الحجاج: فروى البخاري في "تاريخه الوسط" حدثنا عمرو بن علي ثنا أبو داود عن سليمان بن معاذ عن أبي إسحاق، قال: كان أبو بردة على قضاء الكوفة، فعزله الحجاج، وجعل أخاه [اسمه أبو بكر كما في "الدراية".] مكانه، انتهى. وقال في مكان آخر: حدثنا الحسن بن رافع ثنا ضمرة، قال استقضى الحجاج أبا بردة بن أبي موسى، وأجلس معه سعيد بن جبير، ثم قتل سعيد بن جبير، ومات الحجاج بعده بستة أشهر، ولم يقتل بعده أحدًا، انتهى. وفي "تاريخ أصبهان" للحافظ أبي نعيم في "باب العين المهملة" عبد اللّه بن أبي مريم الأموي، ولى القضاء في أصبهان للحجاج، ثم عزله الحجاج، وأقام محبوسًا بواسط، فلما هلك الحجاج رجع إلى أصبهان، وتُوفى بها، انتهى. وقال ابن القطان في "كتابه - في باب الاستسقاء": وطلحة بن عبد اللّه بن عوف أبو محمد الذي يقال له: طلحة الندى ابن أخي عبد الرحمن بن عوف تقلد القضاء من يزيد بن معاوية على المدينة، وهو تابعي، يروي عن ابن عباس، وأبي هريرة، وأبي بكرة، انتهى. - الحديث السادس: قال عليه السلام: - "إنما بنيت المساجد لذكر اللّه تعالى وللحكم"، قلت: غريب بهذا اللفظ، وأخرجه مسلم: ليس فيه: الحكم، رواه في "الطهارة" من حديث أنس [عند مسلم في "الطهارة - باب وجوب غسل البول، وغيره من النجاسات إذا حصلت في المسجد" ص 138، وعند ابن ماجه فيه "باب الأرض يصيبها البول كيف تغسل" ص 40 - ج 1.] قال: "بينما نحن في المسجد مع رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ إذ جاء أعرابي، فقام يبول في المسجد، فقال أصحاب رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ: مه مه، فقال عليه السلام: لا ترزموه، دعوه، فتركوه حتى بال، ثم إنه عليه السلام دعاه، فقال له: إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول، ولا القذر، وإنما هي لذكر اللّه، والصلاة وقراءة القرآن، قال: وأمر رجلًا من القوم فدعا بدلو من ماء، فشنه عليه، انتهى. ورواه ابن ماجه في "سننه" حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا علي بن مسهر عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة، قال: دخل أعرابي المسجد، فذكر نحوه، وفي آخره: فقال: إن هذا المسجد لا يبال فيه، وإنما بني لذكر اللّه، وللصلاة، ثم أمر بسجل من ماء، فأفرغ عليه، انتهى. - الحديث السابع: روي أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ كان يفصل الخصومات في معتكفه، قلت: فيه أحاديث: فأخرج الجماعة [عند البخاري في "الصلاة - باب التقاضي والملازمة في المسجد" ص 65 - ج 1، و "باب رفع الصوت في المسجد" ص 67 - ج 1، و "باب الملازمة" ص 327 - ج 1، وفي "الصلح - باب هل يشير الامام بالصلح" ص 373 - ج 1، و "باب الصلح بالدين والعين" ص 374 - ج 1، وعند مسلم في "البيوع - باب استحباب الوضع من الدين" ص 16 - ج 2، وعند أبي داود في "القضاء - باب في الصلح" ص 149 - ج 2، وعند النسائي "باب إشارة الحاكم على الخصم بالصلح" ص 309 - ج 2، وعند ابن ماجه في "الأحكام - باب الحبس بالدين" ص 177 - ج 2.] - إلا الترمذي - عن كعب بن مالك أنه تقاضى بن أبي حدردٍ دينًا كان له عليه في المسجد، فارتفعت أصواتهما حتى سمعهما رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ وهو في بيته، فخرج إليهما حتى كشف سجف حجرته، فنادى يا كعب، قال: لبيك يا رسول اللّه، فأشار بيده أن ضع الشطر من دينك، قال كعب: قد فعلت يا رسول اللّه، قال: قم فاقضه، انتهى. ذكره البخاري في "الأشخاص [قلت: ليس الحديث عند البخاري في "باب ما يذكر في الأشخاص، والخصومة بين المسلم واليهودي" نعم أخرجه في "باب الملازمة" ص 327 - ج 1، وقد حررت قبيل هذا مخارج هذا الحديث، عند البخاري] - وفي الشهادات"، ومسلم في "البيوع"، وأبو داود، والنسائي في "القضاء"، وابن ماجه في "الأحكام"، قال ابن تيمية في "المنتقى"، فيه جواز الحكم في المسجد. - حديث آخر: أخرجاه في "الصحيحين" [عند البخاري في "الطلاق - باب التلاعن في المسجد" ص 80 - ج 2، وعند مسلم في "اللعان" ص 289 - ج 1.] عن سهل بن سعد في - قصة اللعان - أن رجلًا، قال: يا رسول اللّه أرأيت رجلًا وجد مع امرأته رجلًا، إلى أن قال: فتلاعنا في المسجد، وأنا شاهد. - حديث آخر: رواه الطبراني في "معجمه" حدثنا محمد بن أحمد بن البراء ثنا علي بن المديني ثنا هشام بن يوسف عن القاسم بن فياض عن خلاد [خلاد بن عبد الرحمن بن جندة الصنعاني الأبناوي روى عن سعيد بن المسيب، وشقيق بن ثور، وسعيد بن جبير، وطاوس، ومجاهد، ذكره ابن حبان، وكان من الصالحين، كذا في "اللسان" ص 113 - ج 3] بن عبد الرحمن عن سعيد بن المسيب عن ابن عباس، قال: بينا رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ يخطب يوم الجمعة إذ أتى رجل فتخطى الناس، حتى قرب إليه، فقال: يا رسول اللّه أقم عليّ الحد، فقال له: اجلس، فجلس، وقام الثانية، فقال، يا رسول اللّه أقم عليّ الحد، فقال: اجلس، فجلس، وقام الثالثة، فقال: يا رسول اللّه أقم عليّ الحد، فقال: وما حدك؟ قال: أتيت امرأة حرامًا، فقال عليه السلام لعلي، وابن عباس، وزيد بن حارثة، وعثمان بن عفان: انطلقوا، فاجلدوه مائة، ولم يكن تزوج، فقيل: يا رسول اللّه، ألا تجلد التي خبث بها؟ فقال له عليه السلام: من صاحبتك؟ قال: فلانة، فدعاها، ثم سألها، فقالت: يا رسول اللّه كذب عليّ، واللّه إني لا أعرفه، فقال له عليه السلام: من شاهدك؟ قال: يا رسول اللّه ما لي شاهد، فأمر به، فجلد حدّ الفرية ثمانين، انتهى. - قوله: وروي أن الخلفاء الراشدين كانوا يجلسون في المساجد لفصل الخصومات، قلت: غريب، وفي "صحيح البخاري [عند البخاري في "الأحكام - باب من قضى ولاعن في المسجد" ص 1062 - ج 2.] - في باب من قضى ولاعن في المسجد": ولاعن عمر عند منبر النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، وقضى شريح، والشعبي، ويحيى بن يعمر في المسجد، وقضى مروان على زيد بن ثابت باليمين عند المنبر، وروى النسائي في "كتاب الكنى" أخبرنا عمرو بن علي حدثني سليمان بن مسلم العجلي أبو المعلى، قال: أرأيت الشعبي، وابن أشوع يقضيان في المسجد، انتهى. وروى ابن سعد في "الطبقات" أخبرنا معن بن عيسى ثنا مالك بن أنس عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه رأى أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم يقضي في السمجد عند القبر، وكان على القضاء بالمدينة في ولاية عمر بن عبد العزيز، انتهى. أخبرنا معن بن عيسى ثنا سعيد بن مسلم بن بابك، قال: رأيت سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف يقضي في المسجد، فكان قد ولي قضاء المدينة، انتهى. أخبرنا محمد بن عمر، قال: لما ولي أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم إمرة المدينة لعمر بن عبد العزيز، ولى أبا طوالة القضاء بالمدينة، فكان يقضي في المسجد، انتهى. قال: وأبو طوالة يروي عن أنس، وهو ثقة، انتهى. أخبرنا عبد اللّه بن جعفر [عند ابن سعد في "الطبقات" ص 96 - ج 6 - الجزء الأول من السادس] ثنا عبيد اللّه بن عمرو عن إسماعيل بن أبي خالد، قال: رأيت شريحًا يقضي في السجد، انتهى. أخبرنا حجاج بن نصير [عند ابن سعد: ص 176 - ج 6 في "ترجمة عامر الشعبي".] ثنا الأسود بن شيبان، قال: رأيت الشعبي، وهو يومئذ قاضي الكوفة، يقضي في المسجد، انتهى. - الحديث الثامن: قال عليه السلام: - "للمسلم على المسلم ست حقوق"، وذكر منها شهود الجنازة، وعود المريض، قلت: أخرجه مسلم [عند مسلم في "الآداب" ص 213 - ج 2، وعند البخاري في "الجنائز - باب الأمر باتباع الجنائز" ص 166 - ج 1] في "كتاب الأدب" عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ: "حق المسلم على المسلم خمس: رد السلام، وتشميت العاطس، وإجابة الدعوة، وعيادة المريض، واتباع الجنازة، وإذا استنصحك فانصح له"، انتهى. ورواه البخاري بلفظ: للمسلم على المسلم خمس، فذكرها ليس فيه: وإذا استنصحك فانصح له، ذكره في "الجنائز". ورواه ابن حبان في صحيحه في النوع الثالث والثلاثين، من القسم الثالث عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعًا، بلفظ مسلم سواء، إلا أنه قال فيه: وإذا عطس، فحمد اللّه، فشمته. - حديث آخر: روى البخاري في "كتابه المفرد في الأدب" من حديث عبد الرحمن بن زياد ابن أنعم الأفريقي حدثني أبي قال: كنا غزاة في البحر زمن معاوية، فانضم مركبنا إلى مركب أبي أيوب الأنصاري، فلما حضر غداءنا أرسلنا إليه، فأتانا، فقال: دعوتموني وأنا صائم، فلم يكن لي بد من أن أجيبكم، لأني سمعت رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ يقول: إن للمسلم على أخيه ست خصال واجبة، إن ترك منها شيئًا فقد ترك حقًا واجبًا عليه لأخيه: يسلم عليه إذا لقيه، ويجيبه إذا دعاه، ويشمته إذا عطس، ويعوده إذا مرض، ويحضره إذا مات، وينصحه إذا استنصحه، انتهى. وفيه زيادة ذكر الوجوب. - الحديث التاسع: حديث النهي عن ضيافة أحد الخصمين، قلت: رواه إسحاق بن راهويه في "مسنده"، أخبرنا محمد بن الفضل عن إسماعيل بن مسلم عن الحسن، قال: جاء رجل، فنزل على عليّ فأضافه، فلما قال له، إني أريد أن أخاصم، فقال له علي: تحول، فإن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ نهانا أن نضيف الخصم، إلا ومعه خصمه، انتهى. ورواه عبد الرزاق في "مصنفه" حدثنا يحيى بن العلاء عن إسماعيل بن مسلم به، ورواه الدارقطني في "كتاب المؤتلف والمختلف" عن جارية بن هرم أبي الشيخ الفقيمي عن إسماعيل بن مسلم به. - طريق آخر: رواه الطبراني في "معجمه الوسط" [قال الهيثمي في "مجمع الزوائد - باب التسوية بين الخصمين" 197 - ج 4: رواه الطبراني في "الأوسط" وفيه: الهيثم بن غصن، ولم أجد من ذكره، وبقية رجاله ثقات، قلت: وفي التخريج بدله: القاسم بن غصن، ولعل الصواب ما قاله الهيثمي، وراجع له "اللسان"] حدثنا علي بن سعيد الرازي ثنا موسى ابن سهل الرملي ثنا محمد بن عبد العزيز الواسطي ثنا القاسم بن غصن عن داود بن أبي هند عن حرب بن أبي الأسود الرملي عن أبيه عن علي، قال: نهى النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ أن يضيف أحد الخصمين دون الآخر، انتهى. وقال: تفرد به الواسطي. - الحديث العاشر: قال عليه السلام: - "إذا ابتلي أحدكم بالقضاء، فليُسوّ بينهم في المجلس، والإشارة، والنظر". قلت: رواه إسحاق بن راهويه في "مسنده" أخبرنا بقية بن الوليد عن إسماعيل بن عياش حدثني أبو بكر التميمي عن عطاء بن يسار عن أم سلمة، قال: قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ: "من ابتلي بالقضاء بين المسلمين، فليساوِ بينهم في المجلس، والإشارة، والنظر، ولا يرفع صوته على أحد الخصمين، أكثر من الآخر"، انتهى. وبهذا السند والمتن رواه الطبراني في "معجمه". - طريق آخر: أخرجه الدارقطني في "سننه"[ عند الدارقطني في "الأقضية" ص 511، وفي سنده أبو عبد اللّه، قال الحافظ ابن حجر في "الميزان - والتهذيب": أبو عبد اللّه المصري مولى إسماعيل بن عبيد عن عطاء بن يسار، وعنه بكر بن سوادة مجهول من السادسة، انتهى.] عن عباد بن كثير عن أبي عبد اللّه عن عطاء ابن يسار عن أم سلمة عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ قال: "من ابتلي بالقضاء بين المسلمين [وفي "تكملة فتح القدير" ص 469 - ج 5، وفي أبي داود أن عبد اللّه بن الزبير خاصمه عمرو بن الزبير إلى سعيد بن العاص، وهو على السرير قد أجلس عمرو بن الزبير على السرير، فلما جاء عبد اللّه بن الزبير وسع له سعيد من شقه الآخر، فقال: هنا، فقال عبد اللّه: الأرض الأرض، قضاء رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، أو قال: سنة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن يجلس الخصمان بين يدي القاضي، انتهى. قلت: لم أجد هذه القصة فيما عندنا من نسخة أبي داود، وإن كان الحديث مذكورًا فيها] فليعدل بينهم في لحظه، وإشارته، ومقعده"، انتهى. (بقية الأبواب والفصول ليس فيها شيء) - الحديث الأول: قال عليه السلام للذي شهد عنده: - "لو سترته بثوبك لكان خيرًا لك"، قلت: الذي قال له النبي صلى الله عليه وسلم هذا القول لم يشهد عنده بشيء، ولكنه حمل ماعزًا على أن اعترف عند النبي صلى الله عليه وسلم بالزنا، كما رواه أبو داود، والنسائي [عند أبي داود في "الحدود - باب الستر على أهل الحدود" ص 245 - ج 2، ولم أجد في "الصغرى" للنسائي هذا الحديث، واللّه أعلم] عن سفيان عن زيد بن أسلم عن يزيد بن نعيم عن أبيه نعيم بن هزال أن ماعزًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فأقر عنده أربع مرات، فأمر برجمه، وقال لهزال: "لو سترته بثوبك كان خيرًا لك"، انتهى. ثم أخرج أبو داود عن ابن المنكدر أن هزالًا أمر ماعزًا أن يأتي النبي صلى الله عليه وسلم فيخبره، انتهى. بلفظ أبي داود، وذكره النسائي بتمامه، ورواه عبد الرزاق في "مصنفه"، ولفظه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهزال: لو سترته بثوبك كان خيرًا لك، قال: وهزال هو الذي كان أمره أن يأتي النبي صلى الله عليه وسلم، انتهى. وأخرجه النسائي أيضًا من طريق أبي داود الطيالسي ثنا شعبة عن يحيى بن سعيد عن محمد بن المنكدر عن ابن هزال عن أبيه أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: "يا هزال لو سترته بثوبك كان خيرًا لك"، انتهى. وكذلك رواه الحاكم في "المستدرك" [في "المستدرك" - في "الحدود" ص 363 - ج 4، وعند أحمد: في "مسند هزال" ص 216 - ج 5، وفي لفظ: فأخبر هزالًا، بدل: فأخذه هزال، كما في التخريج] وزاد: قال شعبة: قال يحيى، فذكرت هذا الحديث بمجلس فيه يزيد بن نعيم بن هزال، فقال يزيد: هذا هو الحق، هذا حديث جدي، انتهى. وقال حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، انتهى. وكذلك رواه البزار في "مسنده"، وقال: لا نعلم لهزال غير هذا الحديث، انتهى. ورواه أحمد في "مسنده" من طرق، وسمى المرأة في بعضها، ولفظه عن هزال قال: كانت له جارية يقال لها فاطمة قد أملكت، وكانت ترعى غنمًا لهم، وأن ماعزًا وقع عليها، فأخذه هزال، فخدعه، وقال له: انطلق إلى النبي صلى الله عليه وسلم، الحديث، ويراجع، وبسند الطيالسي أيضًا رواه الطبراني في "معجمه"، ولفظه عن هزال أنه قال لماعز: اذهب إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فأخبره خبرك، فإنك إن لم تخبره أنزل اللّه على رسوله خبرك، ولم يزل به حتى انطلق إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، فأخبره، الحديث. وفي آخره: ثم قال عليه السلام لهزال، وضرب بيده على ركبته: يا هزال لو سترته بثوبك كان خيرًا لك، رواه ابن سعد في "الطبقات" [عند ابن سعد في "ترجمة هزال" ص 52 - ج 4 - القسم الثاني، من الجزء الرابع - وفيه: ففر يعدو قبل العقيق، فأدرك بالمكين، انتهى] أخبرنا محمد بن عمر - هو الواقدي - حدثني هشام بن عاصم عن يزيد بن نعيم بن هزال عن أبيه عن جده، قال: أتى ماعز إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاعترف عنده بالزنا، وكان محصنًا، فأمر به عليه السلام، فأخرج إلى الحرة، ورجم بالحجارة، ففر يعدو، فأدركه عبد اللّه بن أنيس بوظيف حمار، فضربه حتى قتله، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: هلا تركتموه؟ ثم قال: يا هزال بئس ما صنعت، لو سترته بطرف ردائك لكان خيرًا لك، قال: يا رسول اللّه لم أدر أن في الأمر سعة، ودعا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم المرأة التي أصابها، فقال لها: اذهبي، ولم يسألها عن شيء، انتهى. ورواه مالك في "الموطأ" [قلت: وعند مالك في "الموطأ" في نسخة يحيى أيضًا في "باب ما جاء في الرجم" ص 348.] مرسلًا من رواية أبي مصعب ثنا مالك عن يحيى ابن سعيد عن سعيد بن المسيب أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال لرجل من أسلم، يقال له هزال: يا هزال لو سترته بردائك لكان خيرًا لك، قال يحيى: فذكرت هذا الحديث في مجلس فيه يزيد بن نعيم بن هزال الأسلمي، فقال يزيد: هذا حديث جدي هزال. وهذا الحديث حق، انتهى. قال ابن عبد البر هزال روى عنه ابنه، ومحمد بن المنكدر حديثًا واحدًا، وما أظن له غيره، قول النبي صلى الله عليه وسلم: يا هزال لو سترته بثوبك كان خيرًا لك، وكذلك قال البغوي في "معجمه"، وقال ابن سعد في "الطبقات": هزال الأسلمي أبو نعيم بن هزال، وهو الذي أمر ماعزًا الأسلمي أن يأتي النبي صلى الله عليه وسلم فيقر عنده بالذي صنع، وماعز بن مالك الأسلمي أسلم، وصحب النبي صلى الله عليه وسلم، انتهى. وقال المنذري في "حواشي السنن": نعيم بن هزال قيل: لا صحبة له، وإنما الصحبة لأبيه هزال، وهزال - بفتح الهاء، وتشديد الزاي المفتوحة - أسلمي له صحبة، سكن المدينة، وكان مالك أبو ماعز قد أوصى بابنه ماعزًا، وكان في حجره يكفله، وماعز بن مالك الأسلمي له صحبة، ومعدود في المدنيين، كتب له النبي صلى الله عليه وسلم كتابًا بإسلام قومه، روى عنه ابنه عبد اللّه بن ماعز حديثًا واحدًا، وذكر البغوي أن الذي كتب له النبي صلى الله عليه وسلم الكتاب غير صاحب الذنب، وفي الرواة أيضًا ماعز التميمي سكن البصرة، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلًا سأل النبي صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل؟ قال: إيمان باللّه وجهاد في سبيله، ثم حجة بارة، وصاحب الذنب اسمه ماعز، وقيل: اسمه غريب، وماعز لقبه، والمرأة التي وقع عليها اسمها فاطمة جارية هزال، انتهى كلامه [قلت: وفي "الطبقات - في ترجمة هزال الأسلمي" قال: كان أبو ماعز قد أوصى إليّ بابنه ماعز، وكان في حجري أكفله بأحسن ما يكفل به أحدًا أحدًا، فجاءني يومًا، فقال لي: إني كنت أطالب مهيرة، امرأة كنت أعرفها، حتى نلت منها الآن ما كنت أريد، انتهى. فيعرف من هذا أن اسمها مهيرة، واللّه أعلم.]. - الحديث الثاني: حديث تلقينه عليه السلام الدرء، وكذلك أصحابه، قلت: أما تلقينه عليه السلام الدرء، فقد تقدم في "الحدود" للبخاري عن ابن عباس في حديث ماعز، قال له عليه السلام: لعلك قبلت، أو غمزت، أو نظرت؟ قال: لا، قال: أفنكتها؟ قال: نعم، قال: فعند ذلك أمر برجمه، انتهى. وأخرج أبو داود، والنسائي [عند النسائي في "السرقة - باب تلقين السارق" ص 254 - ج 2، وعند أبي داود في "الحدود - باب في التلقين في الحد" ص 246 - ج 2، وعند أحمد في "مسند أبي أمية المخزومي" ص 293 - ج 5] وابن ماجه عن حماد بن سلمة عن إسحاق بن عبد اللّه ابن أبي طلحة عن أبي المنذر مولى أبي ذر عن أبي أمية المخزومي أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بلص قد اعترف اعترافًا، ولم يوجد معه متاع، فقال له رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: ما إخالك سرقت، قال: بلى، فأعاد عليه مرتين، أو ثلاثًا، فأمر فقطع، انتهى. ورواه أحمد في "مسنده"، والطبراني في "معجمه"، وفيه ضعف، فإن أبا المنذر هذا مجهول، لم يرو عنه إلا إسحاق بن عبد اللّه بن أبي طلحة، قاله المنذري. - وله طريق آخر: عند الحاكم في "المستدرك" [في "المستدرك - في الحدود - باب النهي عن الشفاعة في الحدود" ص 381 - ج 4 وفي لفظه بعض اختصار.] عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن يزيد بن خصيفة عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم أُتي بسارق سرق شملة، فقال عليه السلام: ما إخاله سرق، فقال السارق: بلى يا رسول اللّه، فقال: اذهبوا به فاقطعوه، وقال: على شرط مسلم، ورواه أبو داود في "مراسيله" عن يزيد بن خصيفة به مرسلًا، وقد تقدم في "السرقة - في حديث الحسم". - وله طريق آخر: رواه الطبراني في "معجمه" حدثنا إبراهيم بن سويد الأصبهاني ثنا الحسين ابن حريث ثنا الفضل بن موسى عن جعفر بن عبد الرحمن أخبرني السائب بن يزيد، قال: أتي برجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقيل له: إن هذا سرق، قال: ما إخاله فعل، قالوا: يا نبي اللّه إن هذا سرق، قال: ما إخاله فعل، حتى شهد على نفسه شهادات، فقال: اذهبوا به فاقطعوه. وأما تلقين الصحابة، ففيه عن أبي بكر، وعمر، وعلي، وابنه الحسن، وأبي هريرة، وأبي مسعود، وأبي الدرداء، وعمر بن العاص، وأبي واقد الليثي. - فحديث أبي بكر: أخرجه أحمد في "مسنده" [عند أحمد في - مسند أبي بكر الصديق - ص 8 - ج 1.] عن عامر [عامر هذا هو الشعبي الامام، كما يعرف من ترجمة عبد الرحمن بن أبزي، وراجع ترجمة عبد الرحمن بن أبزي في "التهذيب".] عن عبد الرحمن بن أبزى عن أبي بكر الصديق، قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم جالسًا فجاء ماعز، فاعترف عنده مرة، ثم جاء فاعترف عنده الثانية، فرده، ثم جاء، فاعترف الثالثة، فرده، فقلت له: إنك إن اعترفت الرابعة رجمك، قال: فاعترف الرابعة، فحبسه، ثم سأل عنه، فقالوا: لا نعلم إلا خيرًا، فأمر به فرجم، انتهى. - وحديث عمر: رواه عبد الرزاق في "مصنفه" أخبرنا معمر عن طاوس عن عكرمة بن خالد، قال: أتى عمر بن الخطاب برجل، فقال له: أسرقت؟ فقال: لا، فتركه، انتهى. وروى ابن أبي شيبة في "مصنفه" حدثنا محمد بن بكر عن ابن جريج عن عكرمة بن أبي خالد، قال: أتى عمر بسارق قد اعترف، فقال عمر: إني لأرى يد رجل ما هي بيد سارق، فقال الرجل: واللّه ما أنا بسارق، فأرسله عمر، ولم يقطعه، انتهى. - وحديث عليّ: روي من وجوه: أحدها: عند أحمد، والبيهقي عن الشعبي، قال: جيء بشراخة الهمدانية إلى علي بن أبي طالب، فقال لها: لعل رجلًا وقع عليك وأنت نائمة؟ قالت: لا، قال: لعله استكرهك؟ قالت: لا، يلقنها لعلها تقول: نعم، وقد تقدم في "الحدود". آخر: روى أبو يعلى الموصلي في "مسنده" حدثنا عبيد اللّه بن عمر ثنا عثمان بن عمر ثنا شيخ من أهل الكوفة يقال له: أبو المحياة التيمي، قال: حدثنا أبو مطر، قال: رأيت عليًا أتى برجل، قيل: إنه سرق جملًا، فقال له: ما أراك سرقت، قال: بلى، قال: فلعله شبه عليك، قال: بل سرقت، قال: يا قنبر، اذهب به فأوقد النار، وادع الجزار، وشد يده حتى أجيء، فلما جاء إليه، قال له: أسرقت؟ قال: لا، فتركه، انتهى. - طريق آخر: روى عبد الرزاق في "مصنفه - في كتاب أهل الكتاب" أخبرنا معمر عن الأعمش عن أبي عمرو الشيباني، قال: أُتي علي بشيخ كان نصرانيًا، فأسلم، ثم ارتد عن الإسلام، فقال له علي: لعلك ارتددت لتصيب ميراثًا، ثم ترجع إلى الإسلام؟ قال: لا، قال: فارجع، فلعلك خطبت امرأة فأبوا أن ينكحوكها، فأردت أن تزوجها، ثم ترجع إلى الإسلام؟ قال: لا، قال: فارجع إلى الإسلام، قال: أما حتى ألقى المسيح، فلا، فأمر به عليّ، فضربت عنقه، ودفع ميراثه إلى ولده من المسلمين، انتهى. وروى في "السرقة" أخبرنا ابن جريج قال: سمعت عطاء، يقول: كان من مضى يؤتى إليه بالسارق، فيقول: أسرقت؟ قل: لا، قل: لا، علمي أنه سمى أبا بكر، وعمر، وأخبرني أن عليًا أُتي بسارقين، معهما سرقتهما، فخرج فضرب الناس عنهما، حتى تفرقوا عنهما، ولم يدعهما، ولم يسألهما، انتهى. - وحديث الحسن: رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" حدثنا حميد بن عبد الرحمن عن حسن ابن صالح عن غالب أبي الهذيل، قال: سمعت سبيعًا أبا سالم يقول: شهدت الحسن بن علي، وأتي برجل أقر بسرقة، فقال له الحسن: لعلك اختلست؟، لكي يقول: لا، انتهى. - وحديث أبي هريرة: رواه ابن أبي شيبة أيضًا حدثنا محمد بن بشر ثنا سعيد بن أبي عروبة عن سليمان الناجي عن أبي المتوكل أن أبا هريرة أُتي بسارق، وهو يومئذ أمير، فقال: أسرقت أسرقت؟ قل: لا، قل: لا، مرتين، أو ثلاثًا، انتهى. - وحديث أبي مسعود: رواه ابن أبي شيبة أيضًا حدثنا شريك عن جابر عن مولى لأبي مسعود عن أبي مسعود، قال: أتي برجل سرق، فقال: أسرقت؟ قل: وجدته، قال: وجدته، فخلى سبيله، انتهى. ورواه محمد بن الحسن في "كتاب الآثار" أخبرنا أبو حنيفة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي، قال: أتي أبو مسعود الأنصاري بامرأة سرقت جملًا، فقال: أسرقت؟ قولي: لا، فقالت لا، فتركها، انتهى. وكذلك رواه عبد الرزاق في "مصنفه" أخبرنا الثوري عن حماد عن إبراهيم به. - وحديث أبي الدرداء: فرواه عبد الرزاق أيضًا أخبرنا الثوري عن علي بن الأقمر عن يزيد بن أبي كبشة عن أبي الدرداء أنه أتي بامرأة سرقت، يقال لها: سلامة، فقال لها: يا سلامة، سرقت؟ قولي: لا، قالت: لا، فدرأ عنها، انتهى. ورواه محمد بن الحسن أيضًا أخبرنا أبو حنيفة ثنا إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه عن يزيد بن أبي بشر به: ورواه ابن أبي شيبة أيضًا حدثنا وكيع عن سفيان عن علي بن الأقمر به. - وحديث عمرو بن العاص: رواه ابن يونس في "تاريخ مصر" حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن يونس ثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي ثنا يحيى بن أبي بكير ثنا شعبة ثنا عمرو بن شرحبيل عن رجل، قال: لما أراد [ذكر في "الاستيعاب - في ترجمة محمد بن أبي بكر الصديق" أنه أتى به عمرو بن العاص فقتله صبرًا، وروى شعبة وابن عيينة عن عمرو بن دينار، قال: أتى عمرو بن العاص بمحمد بن أبي بكر أسيرًا، فقال: هل معك عهد؟ هل معك عقد من أحد؟ قال: لا، فأمر به فقتل، انتهى. وفي "الإصابة - في ترجمته" وشهد محمد مع عليّ الجمل وصفين، ثم أرسله إلى مصر أميرًا، فدخلها في شهر رمضان سنة سبع وثلاثين، فولى إمارتها لعلي، ثم جهز معاوية عمرو ابن العاص في عسكر إلى مصر، فقاتلهم محمد، وانهزم، ثم قتل في مصر سنة ثمان وثلاثين، حكاه ابن يونس، انتهى] محمد بن أبي بكر الصديق أن يقتل، قال له عمرو بن العاص: ادعيت أمانًا؟ ادعيت شيئًا! كأنه يلقنه، فإن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، قال: إنما يجير على الناس أدناهم، فلم يدع شيئًا، فضرب عنقه، انتهى. - وحديث أبي واقد: رواه مالك في "الموطأ" [عند مالك في "الموطأ - في الحدود - باب ما جاء في الرجم" ص 349] عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار عن أبي واقد الليثي أن عمر بن الخطاب أتاه رجل، وهو بالشام، فذكر له أنه وجد مع امرأته رجلًا، فبعث عمر بن الخطاب أبا واقد الليثي إلى امرأته، يسألها عن ذلك، فأتاها وعندها نسوة، فذكر لها الذي قال زوجها لعمر، وأخبرها أنها لا تؤخذ بقوله، وجعل يلقنها لتنزع، فأبت أن تنزع، وتمت على الاعتراف، فأمر بها عمر، فرجمت، انتهى. وعن مالك رواه الشافعي في "مسنده"، ومن طريق الشافعي رواه البيهقي في "المعرفة". - الحديث الثالث: قال عليه السلام: - "من ستر على مسلم ستر اللّه عليه في الدنيا والآخرة"، قلت: أخرجه البخاري، ومسلم عن أبي هريرة مرفوعًا، ومن ستر على مسلمًا ستره اللّه في الدنيا والآخرة، واللّه في عون العبد ما كان في عون أخيه، وقد تقدم في "الحدود". - الحديث الرابع: حديث الزهري: مضت السنة من لدن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، والخليفتين من بعده أن لا شهادة للنساء في الحدود والقصاص، قلت: رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" حدثنا حفص عن حجاج عن الزهري، قال: مضت السنة من رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ والخليفتين من بعده أن لا تجوز شهادة النساء في الحدود، انتهى. وأخرج عن الشعبي، والنخعي، والحسن، والضحاك، قالوا: لا تجوز شهادة النساء في الحدود، وأخرج عبد الرزاق في "مصنفه" أخبرنا الحسن بن عمارة بن الحكم بن عتيبة أن علي بن أبي طالب، قال: لا تجوز شهادة النساء في الحدود والدماء، انتهى. - الحديث الخامس: قال عليه السلام: - "شهادة النساء جائزة، فيما لا يستطيع الرجال النظر إليه"، قلت: غريب، وروى عبد الرزاق في "مصنفه" أخبرنا الحسن بن جريج عن ابن شهاب عن الزهري، قال: مضت السنة أن تجوز شهادة النساء، فيما لا يطلع عليه غيرهن، من ولادات النساء، وعيوبهن، انتهى. ورواه ابن أبي شيبة، وقد تقدم في "باب ثبوت النسب"، وروى عبد الرزاق أيضًا أخبرنا أبو بكر بن أبي سبرة عن موسى بن عقبة عن القعقاع بن حكيم عن ابن عمر، قال: لا تجوز شهادة النساء وحدهن، إلا على ما لا يطلع عليه إلا هن، من عورات النساء، وما يشبه ذلك، من حملهن وحيضهن، قال عبد الرزاق: وأخبرنا ابن جريج أنبأ أبو بكر بن عمرو بن سليم مولاهم حدثهم عن ابن المسيب، مثل حديث ابن عمر هذا، قال: وحدثني عن أبي النضر عن عروة بن الزبير مثل هذا، وعن محمد بن عمرو عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن عبيد اللّه بن عبد اللّه عن عتبة مثله، انتهى. والمصنف استدل بهذا الحديث على أنه تقبل في الولادة، والبكارة، وما لا يطلع عليه الرجال، شهادة امرأة واحدة، قال: لأن النساء جمع محلى بالألف واللام، فيتناول الأقل، والشافعي يشترط أربعًا، ومذهب أحمد كمذهبنا، ولنا حديث القابلة، وفيه عن علي، وعمر، - فحديث علي رواه عبد الرزاق في "مصنفه" أخبرنا الثوري عن جابر الجعفي عن عبد اللّه بن يحيى أن عليًا أجاز شهادة المرأة القابلة وحدها في الاستهلال، انتهى. وهذا سند ضعيف، فإن الجعفي، وابن يحيى فيهما مقال. - طريق آخر: أخرجه الدارقطني في "سننه [عند الدارقطني في "الأقضية" ص 524 - ج 2، وقد مر في "النسب] - في كتاب الأقضية" عن محمد بن عبد الملك الواسطي عن الأعمش عن أبي وائل عن حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز شهادة القابلة، انتهى. قال الدارقطني: محمد بن عبد الملك لم يسمع من الأعمش، بينهما رجل مجهول، وهو أبو عبد الرحمن المدائني، ثم أخرجه عن محمد بن عبد الملك عن أبي عبد الرحمن المدائني عن الأعمش به، قال في "التنقيح": هو حديث باطل لا أصل له، انتهى. وأسند البيهقي في "المعرفة" إلى الشافعي، قال: جرت بيني، وبين محمد بن الحسن مناظرة، عند هارون الرشيد، فقلت له: أي شيء أخذت في شهادة القابلة وحدها، قال: بقول علي بن أبي طالب، فقلت له: إنما رواه عن عليّ رجل مجهول، يقال له: عبد اللّه بن يحيى، والذي رواه عن ابن يحيى جابر الجعفي، وكان يؤمن بالرجعة، قال البيهقي: ورواه سويد بن عبد العزيز بن غيلان بن جامع عن عطاء بن أبي مروان عن أبيه عن علي، وسويد هذا ضعيف، وروى محمد بن عبد الملك الواسطي عن أبي عبد الرحمن المدائني عن الأعمش عن أبي وائل عن حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز شهادة القابلة، وهذا لا يصح، قال أبو الحسن الدارقطني، فيما أخبرني أبو عبد الرحمن السلمي عنه: أبو عبد الرحمن المدائني مجهول، وقال إسحاق بن راهويه: لو صح حديث علي في القابلة لقلنا به، ولكن في سنده خلل، انتهى. - وأما حديث عمر: فرواه عبد الرزاق في "مصنفه" أخبرنا إبراهيم بن أبي يحيى الأسلمي أخبرني إسحاق عن ابن شهاب أن عمر بن الخطاب أجاز شهادة امرأة في الاستهلال، انتهى. - الحديث السادس: قال عليه السلام: - "المسلمون عدول بعضهم على بعض، إلا محدودًا في قذف"، قلت: رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه - في البيوع" حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن حجاج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: "المسلمون عدول بعضهم على بعض، إلا محدودًا في فرية"، انتهى. قوله: ومثله عن عمر، قلت: هو في كتاب عمر إلى أبي موسى رواه الدارقطني في "سننه - في الأقضية" [عند الدارقطني في "الأقضية" 512 - ج 2 بكلتا الطريقين] عن عبيد اللّه بن أبي حميد عن أبي المليح الهذلي، قال: كتب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري، أما بعد: فإن القضاء فريضة محكمة، وسنة متبعة، فافهم إذا أدلى إليك، فإنه لا ينفع تكلم بحق لا نفاذ له، وآس بين الناس في وجهك، ومجلسك، وقضائك، حتى لا ييأس الضعيف من عدلك، ولا يطمع الشريف في حيفك، البينة على من ادعى، واليمين على من أنكر، والصلح جائز بين المسلمين، إلا صلحًا أحل حرامًا، أو حرم حلالًا، لا يمنعك قضاء قضيته راجعت فيه نفسك، وهديت فيه لرشدك، أن تراجع الحق، فإن الحق قديم، ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل، الفهم فيما يختلج في صدرك، مما لم يبلغك في الكتاب والسنة، اعرف الأشباه والأمثال، ثم قس الأمور عند ذلك، فاعمد إلى أحبها إلى اللّه، وأشبهها بالحق، فيما ترى، اجعل للمدعي أمدًا ينتهي إليه، فإن أحضر بينة أخذ بحقه، وإلا وجهت القضاء عليه، فإن ذلك أجلى للعمى، وأبلغ في العذر، المسلمون عدول بعضهم على بعض، إلا محدودًا في حد، أو مجربًا في شهادة زور، أو ظنينًا في ولاء، أو قرابة، إن اللّه تعالى تولى منكم السرائر، ودرأ عنكم بالبينات، ثم إياك والقلق، والضجر، والتأذي بالناس، والتنكر للخصوم في مواطن الحق الذي يوجب اللّه بها الأجر، ويحسن بها الذكر، فإنه من يصلح نيته فيما بينه وبين اللّه تعالى ولو على نفسه، يكفه اللّه ما بينه وبين الناس، ومن تزين للناس بما يعلم اللّه منه غير ذلك يشنه اللّه، فما ظنك يثواب غير اللّه في عاجل رزقه، وخزائن رحمته، والسلام عليك ورحمة اللّه وبركاته، انتهى. وعبيد اللّه بن أبي حميد ضعيف، وأخرجه الدارقطني أيضًا من طريق أحمد ثنا سفيان بن عيينة ثنا إدريس الأودي عن سعيد بن أبي بردة، وأخرج الكتاب فقال: هذا كتاب عمر، ثم قرئ على سفيان: من ههنا إلى أبي موسى أما بعد، فذكره، ورواه البيهقي في "المعرفة" أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا محمد بن إسحاق الصغاني ثنا محمد بن عبد اللّه بن كناسة ثنا جعفر بن برقان عن معمر البصري عن أبي العوام البصري قال: كتب عمر، فذكره. - الحديث السابع: قال عليه السلام: - "إذا علمت مثل الشمس فاشهد، وإلا فدع"، قلت: أخرجه البيهقي في "سننه"، والحاكم في "المستدرك - في كتاب الأحكام" [ص 98 - ج 4] عن محمد ابن سليمان بن مشمول ثنا أبيّ ثنا عبيد اللّه بن سلمة بن وهرام عن أبيه عن طاوس عن ابن عباس أن رجلًا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الشهادة، فقال: هل ترى الشمس؟ قال: نعم، قال: على مثلها فاشهد، أو دع، انتهى. قال الحاكم: حديث صححيح الإسناد، ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبي في "مختصره" فقال: بل هو حديث واهٍ، فإن محمد بن سليمان بن مشمول ضعفه غير واحد، انتهى. قلت: رواه كذلك ابن عدي في "الكامل"، والعقيلي في "كتابه"، وأعلاه بمحمد بن سليمان ابن مشمول، وأسند ابن عدي تضعيفه عن النسائي، ووافقه، وقال: عامة ما يرويه لا يتابع عليه، إسنادًا ولا متنًا، انتهى.
|