الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: كشاف القناع عن متن الإقناع
.فَصْلٌ: الْإِمَامُ يَبْعَثُ سَاعِيًا خَارِصًا: وَيُسَنُّ أَنْ يَبْعَثَ الْإِمَامُ سَاعِيًا خَارِصًا لَحَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَتْ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبْعَثُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ إلَى يَهُودَ لِيَخْرُصَ عَلَيْهِمْ النَّخْلَ قَبْلَ أَنْ يُؤْكَلَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُد «لِكَيْ يُحْصِيَ الزَّكَاةَ قَبْلَ أَنْ تُؤْكَلَ الثِّمَارُ وَتُفَرَّقَ».وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ عَتَّابِ بْنِ أَسِيدٍ «أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَبْعَثُ عَلَى النَّاسِ مَنْ يَخْرُصُ عَلَيْهِمْ كُرُومَهُمْ وَثِمَارَهُمْ» رَوَاه التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَصَحَّ عَنْهُ «أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَصَ عَلَى امْرَأَةٍ بِوَادِي الْقُرَى حَدِيقَةً لَهَا» وَحَدِيثُهَا فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ وَقَوْلُ الْمَانِعِ أَنَّهُ خَطَرٌ وَغَرَرٌ: يُرَدُّ بِأَنَّهُ اجْتِهَادٌ فِي مَعْرِفَةِ الْحَقِّ بِغَالِبِ الظَّنِّ وَذَلِكَ جَائِزٌ فِي تَقْوِيمِ الْمُتْلَفَاتِ وَالْمُجْتَهِدَاتِ فِي الشَّرْعِيَّاتِ وَسَائِرِ الظَّوَاهِرِ الْمَعْمُولِ بِهَا وَإِنْ احْتَمَلَتْ الْخَطَأَ (إذَا بَدَا صَلَاحُ الثَّمَرِ) لِأَنَّهُ وَقْتُ دُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَى الْخَرْصِ.(وَيُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ) الْخَارِصُ (مُسْلِمًا أَمِينًا خَبِيرًا غَيْرَ مُتَّهَمٍ) لِأَنَّ مَنْ لَيْسَ كَذَلِكَ لَا يُعَوَّلُ عَلَى قَوْلِهِ وَالْمُتَّهَمُ: هُوَ مَنْ كَانَ مِنْ أَحَدِ عَمُودَيْ نَسَبِ الْمَالِكِ.(وَلَوْ) كَانَ (عَبْدًا) كَالْفَتْوَى وَرُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ وَاعْتُبِرَ أَنْ يَكُونَ خَبِيرًا لِئَلَّا تَفُوتَ الْحِكْمَةُ الَّتِي شُرِّعَ لَهَا الْخَرْصُ (وَيَكْفِي خَارِصٌ وَاحِدٌ) لِحَدِيثِ عَائِشَةَ وَلِأَنَّهُ يُنَفِّذُ مَا يُؤَدِّي إلَيْهِ اجْتِهَادُهُ كَقَائِفٍ وَحَاكِمٍ.(وَأُجْرَتُهُ) أَيْ الْخَارِصِ (عَلَى رَبِّ النَّخْلِ وَالْكَرْمِ) وَفِي الْمُبْدِعِ: أُجْرَتُهُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ انْتَهَى قُلْت لَوْ قِيلَ مِنْ سَهْمِ الْعُمَّالِ لَكَانَ مُتَّجَهًا.(فَيَخْرُصُ ثَمَرَهُمَا) أَيْ النَّخْلَ وَالْكَرْمَ (عَلَى أَرْبَابِهِ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَلَا تُخْرَصُ الْحُبُوبُ) بِلَا خِلَافٍ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى (وَلَا ثَمَرُ غَيْرِهِمَا) أَيْ غَيْرِ النَّخْلِ وَالْكَرْمِ كَالْبُنْدُقِ وَاللَّوْزِ لِأَنَّ النَّصَّ إنَّمَا وَرَدَ بِخَرْصِهِمَا مَعَ أَنَّ ثَمَرَهُمَا مُجْتَمِعٌ فِي الْعُذُوقِ وَالْعَنَاقِيدِ فَيُمْكِنُ أَنْ يَأْتِيَ الْخَرْصُ عَلَيْهِ غَالِبًا وَالْحَاجَةُ إلَى أَكْلِهِمَا رُطَبَةً أَشَدُّ مِنْ غَيْرِهِمَا فَامْتَنَعَ الْقِيَاسُ وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي بْنُ الْمُنَجَّا: أَنَّ نَخْلَ الْبَصْرَةِ لَا يُخْرَصُ وَإِنَّهُ أَجْمَعَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ وَفُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ وَعُلِّلَ بِالْمَشَقَّةِ وَبِغَيْرِهَا قَالَ فِي الْفُرُوعِ: كَذَا قَالَ.(وَالْخَرْصُ) بِفَتْحِ الْخَاءِ مَصْدَرٌ وَمَعْنَاهُ هُنَا (حَزْرُ مِقْدَارِ الثَّمَرَةِ فِي رُءُوسِ النَّخْلِ وَالْكَرْمِ وَزْنًا بَعْدَ أَنْ يَطُوفَ) الْخَارِصُ (بِهِ) أَيْ بِالنَّخْلِ أَوْ الْكَرْمِ (ثُمَّ يُقَدِّرُهُ تَمْرًا) أَوْ زَبِيبًا (ثُمَّ يُعَرِّفُ) الْخَارِصُ (الْمَالِكَ قَدْرَ الزَّكَاةِ) فِيهِ (وَيُخَيِّرُهُ بَيْنَ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ بِمَا شَاءَ) مِنْ بَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَيَضْمَنُ قَدْرَهَا) أَيْ الزَّكَاةِ (وَبَيْنَ حِفْظِهَا) أَيْ الثِّمَارِ (إلَى وَقْتِ الْجَفَافِ) لِيُؤَدِّيَ مَا وَجَبَ فِيهَا (فَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ) الْمَالِكُ زَكَاتَهَا (وَتَصَرَّفَ) فِيهَا (صَحَّ تَصَرُّفُهُ) لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ تَعَلُّقَ الزَّكَاةِ كَأَرْشِ الْجِنَايَةِ لَا يَمْنَعُ التَّصَرُّفَ.(وَكُرِهَ) قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ أَيْ تَصَرُّفُهُ مِنْ غَيْرِ ضَمَانِ زَكَاتِهَا خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ مَنَعَهُ (وَإِنْ حَفِظَهَا) أَيْ حَفِظَ الْمَالِكُ الثِّمَارُ (إلَى وَقْتِ الْجَفَافِ زَكَّى الْمَوْجُودَ فَقَطْ وَافَقَ قَوْلَ الْخَارِصِ أَوْ لَا، وَسَوَاءٌ اخْتَارَ حِفْظَهَا ضَمَانًا بِأَنْ يَتَصَرَّفَ أَوْ أَمَانَةً) مِنْ غَيْرِ تَصَرُّفٍ لِأَنَّهَا أَمَانَةٌ كَالْوَدِيعَةِ وَإِنَّمَا يَعْمَلُ بِالِاجْتِهَادِ مَعَ عَدَمِ تَبَيُّنِ الْخَطَأِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ الْإِصَابَةُ.(وَإِنْ أَتْلَفَهَا) أَيْ الثَّمَرَةَ (الْمَالِكُ أَوْ تَلِفَتْ بِتَفْرِيطِهِ ضَمِنَ زَكَاتَهَا بِخَرْصِهَا تَمْرًا) أَوْ زَبِيبًا لِأَنَّ الظَّاهِرَ عَدَمُ الْخَطَأِ قَالَ فِي الشَّرْحِ وَإِنْ أَتْلَفَهَا أَجْنَبِيُّ فَعَلَيْهِ قِيمَةُ مَا أَتْلَفَ وَالْفَرْقُ: أَنَّ رَبَّ الْمَالِ وَجَبَ عَلَيْهِ تَجْفِيفُ هَذَا الرُّطَبِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ انْتَهَى وَقَوْلُهُ قِيمَةُ مَا أَتْلَفَ قَوَاعِدُ الْمَذْهَبِ: أَنَّ عَلَيْهِ مِثْلُهُ لِأَنَّهُ مِثْلِيٌّ فَيُضْمَنُ بِمِثْلِهِ.(وَإِنْ تَرَكَ السَّاعِي شَيْئًا مِنْ الْوَاجِبِ أَخْرَجَهُ الْمَالِكُ) لِأَنَّ الْوَاجِبَ لَا يَسْقُطُ بِتَرْكِ الْخَارِصِ لَهُ (فَإِنْ لَمْ يَبْعَثْ) الْإِمَامُ (سَاعِيًا فَعَلَى رَبِّ الْمَالِ مِنْ الْخَرْصِ مَا يَفْعَلُهُ السَّاعِي إنْ أَرَادَ) الْمَالِكُ (التَّصَرُّفَ) فِي الثَّمَرَةِ (لِيَعْرِفَ قَدْرَ الْوَاجِبِ قَبْلَ تَصَرُّفِهِ) فِيهَا.(ثُمَّ إنْ كَانَ) الْمَخْرُوصُ (أَنْوَاعًا لَزِمَ) السَّاعِي (خَرْصُ كُلِّ نَوْعٍ وَحْدَهُ لِاخْتِلَافِ الْأَنْوَاعِ وَقْتَ الْجَفَافِ) فَمِنْهَا: مَا يَزِيدُ رُطَبُهُ عَلَى تَمْرِهِ وَمِنْهَا: مَا يَزِيدُ تَمْرُهُ عَلَى رُطَبِهِ وَتَخْتَلِفُ الزِّيَادَةُ وَالنُّقْصَانُ بِحَسَبِ اخْتِلَافِهِمَا فِي اللَّحْمِ وَالْمَاوِيَّةِ كَثْرَةً وَقِلَّةً (وَ إنْ كَانَ) الْمَخْرُوصُ (نَوْعًا وَاحِدًا فَلَهُ خَرْصُ كُلِّ شَجَرَةٍ وَحْدَهَا وَلَهُ خَرْصُ الْجَمِيعِ دَفْعَةً وَاحِدَةً) لِأَنَّ النَّوْعَ الْوَاحِدَ لَا يَخْتَلِفُ غَالِبًا وَلِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ بِخَرْصِ كُلِّ شَجَرَةٍ عَلَى حِدَةٍ.(وَإِنْ ادَّعَى رَبُّ الْمَالِ غَلَطَ الْخَارِصِ غَلَطًا مُحْتَمَلًا) كَالسُّدُسِ (قُبِلَ قَوْلُهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ كَمَا لَوْ قَالَ: لَمْ يُحَصَّلْ فِي يَدِي غَيْرُ كَذَا) فَإِنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَتْلَفُ بَعْضُهُ بِآفَةٍ لَا يَعْلَمُهَا.(وَإِنْ فَحُشَ) مَا ادَّعَاهُ مِنْ الْغَلَطِ كَالنِّصْفِ وَالثُّلُثِ (لَمْ يُقْبَلْ) لِأَنَّهُ لَا يُحْتَمَلُ فَيُعْلَمُ كَذِبُهُ (وَكَذَا إنْ ادَّعَى) رَبُّ الْمَالِ (كَذِبَهُ) أَيْ الْخَارِصِ (عَمْدًا) فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ.(وَيَجِبُ) عَلَى الْخَارِصِ (أَنْ يَتْرُكَ فِي الْخَرْصِ لِرَبِّ الْمَالِ الثُّلُثَ أَوْ الرُّبْعَ فَيَجْتَهِدُ السَّاعِي) فِي أَيِّهِمَا يَتْرُكُ (بِحَسْبِ الْمَصْلَحَةِ) لِحَدِيثِ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «إذَا خَرَصْتُمْ فَخُذُوا وَدَعُوا الثُّلُثَ فَإِنْ لَمْ تَدَعُوا الثُّلُثَ فَدَعُوا الرُّبْعَ» رَوَاه الْخَمْسَةُ إلَّا ابْنَ مَاجَهْ وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَهَذَا تَوْسِعَةٌ عَلَى رَبِّ الْمَالِ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى الْأَكْلِ هُوَ وَأَضْيَافُهُ وَجِيرَانُهُ وَأَهْلُهُ وَيَأْكُلُ مِنْهَا الْمَارَّةُ وَفِيهَا السَّاقِطَةُ فَلَوْ اسْتَوْفَى الْكُلَّ أَضَرَّ بِهِمْ (وَلَا يَكْمُلُ بِهَذَا الْقَدْرِ الْمَتْرُوكِ النِّصَابُ إنْ أَكَلَهُ) نَصَّ عَلَيْهِ لِاسْتِهْلَاكِهِ عَلَى وَجْهٍ مَأْذُونٍ فِيهِ كَمَا لَوْ تَلِفَ بِجَائِحَةٍ.(وَإِنْ لَمْ يَأْكُلْهُ كَمُلَ بِهِ) النِّصَابُ (ثُمَّ يَأْخُذُ) السَّاعِي (زَكَاةَ الْبَاقِي سَوَاءٌ بِالْقِسْطِ) فَلَوْ كَانَ تَمْرُهُ كُلُّهُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ وَلَمْ يَأْكُلْ شَيْئًا كَمَّلَ النِّصَابَ بِالرُّبْعِ الَّذِي كَانَ لَهُ أَنْ يَأْكُلَهُ وَأُخِذَتْ مِنْهُ زَكَاةُ مَا سِوَاهُ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَوْسُقٍ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ وَسْقٍ.(وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ الْخَارِصُ شَيْئًا) مِنْ الثَّمَرَةِ (فَلِرَبِّ الْمَالِ الْأَكْلُ هُوَ وَعِيَالُهُ بِقَدْرِ ذَلِكَ) الَّذِي كَانَ يُتْرَكُ لَهُ نَصَّ عَلَيْهِ (وَلَا يُحْتَسَبُ بِهِ عَلَيْهِ) بِمَا أَكَلَهُ إذَنْ فَلَا تُؤْخَذُ مِنْهُ زَكَاتُهُ كَمَا لَوْ تَرَكَهُ الْخَارِصُ لَهُ (وَيَأْكُلُ هُوَ) أَيْ الْمَالِكُ وَعِيَالُهُ مِنْ حُبُوبِ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ كَفَرِيكٍ وَنَحْوِهِ وَمَا يَحْتَاجُهُ وَلَا يُحْتَسَبُ بِهِ عَلَيْهِ (فِي نِصَاب وَلَا زَكَاة كَالثِّمَارِ) وَلَا يُهْدِي (مِنْ الْحُبُوبِ قَبْلَ إخْرَاجِ زَكَاتِهَا شَيْئًا وَأَمَّا الثِّمَارُ فَالثُّلُثُ أَوْ الرُّبْعُ الَّذِي يُتْرَكُ لَهُ يَتَصَرَّفُ فِيهِ كَيْفَ شَاءَ) وَلَا يَأْكُلُ مِنْ زَرْعٍ وَثَمَرٍ مُشْتَرَكٍ شَيْئًا إلَّا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ (كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ الْمُشْتَرَكَةِ).وَيُؤْخَذُ الْعُشْرُ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ عَلَى حِدَتِهِ بِحِصَّتِهِ وَلَوْ شَقَّ (ذَلِكَ) لِكَثْرَةِ الْأَنْوَاعِ وَاخْتِلَافِهَا (لِأَنَّ الْفُقَرَاءَ بِمَنْزِلَةِ الشُّرَكَاءِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَسَاوَوْا فِي كُلِّ نَوْعٍ بِخِلَافِ السَّائِمَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشْقِيصِ كَمَا تَقَدَّمَ).(وَلَا يَجُوزُ إخْرَاجُ جِنْسٍ عَنْ جِنْسٍ آخَرَ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «خُذْ الْحَبَّ مِنْ الْحَبِّ وَالْإِبِلَ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرَ مِنْ الْبَقَرِ وَالْغَنَمَ مِنْ الْغَنَمِ» رَوَاه أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ (فَإِنْ أَخْرَجَ الْوَسَطَ عَنْ جَيِّدٍ وَرَدِيءٍ بِقَدْرِ قِيمَتَيْ الْوَاجِبِ مِنْهُمَا) لَمْ يُجْزِئْهُ لِأَنَّهُ عَدَلَ عَنْ الْوَاجِبِ إلَى غَيْرِهِ كَمَا لَوْ أَخْرَجَ الْقِيمَةَ وَإِنَّمَا اُغْتُفِرَ ذَلِكَ فِي السَّائِمَةِ دَفْعًا لِلتَّشْقِيصِ (أَوْ أَخْرَجَ الرَّدِيءَ عَنْ الْجَيِّدِ بِالْقِيمَةِ) بِأَنْ زَادَ فِي الرَّدِيءِ بِحَيْثُ يُسَاوِي قِيمَةَ الْوَاجِبِ مِنْ الْجَيِّدِ (لَمْ يُجْزِئْهُ) بِخِلَافِ النَّقْدَيْنِ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ غَيْرِ الْأَثْمَانِ النَّفْعُ بِعَيْنِهَا فَيَفُوتُ بَعْضُ الْمَقْصُودِ وَمِنْ الْأَثْمَانِ الْقِيمَةُ وَتَقَدَّمَ قَوْلُ الْمَجْدِ: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ: جَوَازُهُ فِي الْمَاشِيَةِ وَغَيْرِهَا وَإِنْ تَطَوَّعَ رَبُّ الْمَالِ بِإِخْرَاجِ الْجَيِّدِ عَنْ الرَّدِيءِ جَازَ وَلَهُ أَجْرُ ذَلِكَ وَلَا يَجُوزُ أَخْذُهُ عَنْهُ بِغَيْرِ رِضَاهُ.(وَيَجِبُ الْعُشْرُ) أَوْ نِصْفُهُ أَوْ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ وَلَوْ عَبَّرَ بِالزَّكَاةِ كَالْمُنْتَهِي لِشَمْلِهَا (عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُسْتَعِير دُونَ الْمَالِكِ) أَيْ إذَا اسْتَأْجَرَ إنْسَانٌ مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ أَوْ اسْتَعَارَ أَرْضًا فَزَرَعَهَا أَوْ غَرَسَهَا مَا أَثْمَرَ مِمَّا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ فَهِيَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُسْتَعِيرِ دُونَ مَالِك الْأَرْضِ وَهُوَ مُعِيرُهَا أَوْ مُؤَجِّرُهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ الْعُشْرُ» الْحَدِيثُ وَكَتَاجِرٍ اسْتَأْجَرَ حَانُوتًا أَوْ اسْتَعَارَهَا لِبَيْعِ عُرُوضِهِ وَفِي إيجَابِهِ عَلَى الْمَالِكِ إجْحَافٌ يُنَافِي الْمُوَاسَاةَ وَهِيَ مِنْ حُقُوقِ الزَّرْعِ بِدَلِيلِ أَنَّهَا لَا تَجِبُ إنْ لَمْ تُزْرَعْ وَتَتَقَيَّدُ بِقَدْرِهِ.(وَالْخَرَاجُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَالِك الْأَرْضِ (دُونَهُمَا) أَيْ دُونَ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُسْتَعِيرِ لِأَنَّهُ مِنْ حُقُوقِ الْأَرْضِ (وَلَا زَكَاةَ فِي قَدْرِ الْخَرَاجِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ يُقَابِلُهُ لِأَنَّهُ كَدَيْنِ آدَمِيٍّ وَلِأَنَّهُ مِنْ مُؤْنَةِ الْأَرْضِ كَنَفَقَةِ زَرْعِهِ) كَأُجْرَةِ الْحَرْثِ وَنَحْوِهِ بِخِلَافِ مُؤْنَةِ الْحَصَادِ وَالدِّيَاسِ لِأَنَّهَا بَعْدَ الْوُجُوبِ (وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ) أَيْ لِمَالِكِ الْأَرْضِ (سِوَى غَلَّةِ الْأَرْضِ وَفِيهَا مَا فِيهِ زَكَاةٌ) كَتَمْرٍ وَزَبِيبٍ وَبُرٍّ وَشَعِيرٍ.(وَ) فِيهَا (مَا لَا زَكَاةَ فِيهِ كَالْخُضَرِ) مِنْ بِطِّيخٍ وَيَقْطِينٍ وَقِثَّاءٍ وَنَحْوِهَا (جَعَلَ الْخَرَاجَ فِي مُقَابَلَتِهِ) أَيْ مَا لَا زَكَاةَ فِي مُقَابَلَتِهِ (أَيْ مَا لَا زَكَاةَ فِيهِ إنْ وَفَّى بِهِ لِأَنَّهُ أَحْوَطُ لِلْفُقَرَاءِ وَزَكَّى الْبَاقِيَ مِمَّا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَلَّةٌ إلَّا مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ أَدَّى الْخَرَاجَ مِنْ غَلَّتِهَا وَزَكَّى مَا بَقِيَ (وَلَا يَنْقُصُ النِّصَابُ بِمُؤْنَةِ الْحَصَادِ، وَ) مُؤْنَةِ (الدِّيَاسِ وَغَيْرِهِمَا) كَالْجُذَاذِ وَالتَّصْفِيَةِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الزَّرْعِ وَالثَّمَرِ (لَسَبَقَ الْوُجُوبُ ذَلِكَ) أَيْ لِأَنَّهَا تَجِبُ بِالِاشْتِدَادِ وَبُدُوِّ الصَّلَاحِ وَذَلِكَ سَابِقٌ لِلْحَصَادِ وَالدِّيَاسِ وَالْجُذَاذِ وَنَحْوِهِمَا وَتَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ التَّنْبِيهُ عَلَى ذَلِكَ (وَتَلْزَمُ الزَّكَاةُ فِي الْمُزَارَعَةِ الْفَاسِدَةِ مَنْ حُكِمَ أَنَّ الزَّرْعَ لَهُ) لِأَنَّ الزَّكَاةَ عَلَى الْمَالِكِ.(وَإِنْ كَانَتْ) الْمُزَارَعَةُ (صَحِيحَةً فَعَلَى مَنْ بَلَغَتْ حِصَّتُهُ مِنْهُمَا) أَيْ الْمَالِكِ وَالْعَامِلِ (نِصَابًا) بِنَفْسِهَا أَوْ ضَمَّهَا إلَى زَرْعٍ لَهُ آخَرَ (الْعُشْرُ) أَوْ نِصْفُهُ أَوْ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ عَلَى مَا سَبَقَ، وَكَذَا الْحُكْمُ فِي الْمُسَاقَاةِ بِخِلَافِ الْمُضَارَبَةِ فَإِنَّهُ لَا زَكَاةَ عَلَى الْعَامِلِ فِي حِصَّتِهِ وَلَوْ بَلَغْت نِصَابًا لِأَنَّ الرِّبْحَ وِقَايَةٌ لِرَأْسِ الْمَالِ.(وَمَتَى حَصَدَ غَاصِبُ الْأَرْضِ زَرْعَهُ اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ) عَلَيْهِ فَلَا يَتَمَلَّكُهُ رَبُّ الْأَرْضِ (وَزَكَّاهُ) لِاسْتِقْرَارِ مِلْكِهِ عَلَيْهِ.(وَإِنْ تَمَلَّكَهُ رَبُّ الْأَرْضِ قَبْلَ اشْتِدَادِ الْحَبِّ زَكَّاهُ) لِثُبُوتِ مِلْكِهِ عَلَيْهِ وَقْتَ وُجُوبِهَا وَإِنْ تَمَلَّكَهُ بَعْدَ اشْتِدَادٍ فَقِيلَ: يُزَكِّيهِ الْغَاصِبُ لِأَنَّهُ يَمْلِكُهُ وَقْتَ الْوُجُوبِ وَقَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي الْغَصْبِ وَقَدَّمَ فِي الْفُرُوعِ وَالْمُبْدِعِ وَغَيْرِهِمَا: يُزَكِّيهِ رَبُّ الْأَرْضِ لِأَنَّ مِلْكَهُ اسْتَنَدَ إلَى أَوَّلِ زَرْعِهِ لِأَنَّهُ يَتَمَلَّكُهُ بِمِثْلِ بَذْرِهِ وَعَوَّضَ لَوَاحِقَهُ فَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ إذَنْ.(وَكَرِهَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ) رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (الْحَصَادَ وَالْجُذَاذَ لَيْلًا) لِحَدِيثِ الْحُسَيْنِ «نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْجُذَاذِ بِاللَّيْلِ وَالْحَصَادِ بِاللَّيْلِ» رَوَاه الْبَيْهَقِيُّ.(وَ يَجْتَمِعُ الْعُشْرُ وَالْخَرَاجُ فِي كُلِّ أَرْضٍ خَرَاجِيَّةٍ) نَصَّ عَلَيْهِ لِعُمُومِ الْأَخْبَارِ (فَالْخَرَاجُ فِي رَقَبَتِهَا) مُطْلَقًا وَالْعُشْرُ (فِي غَلَّتِهَا إنْ كَانَتْ لِمُسْلِمٍ) لِأَنَّ سَبَبَ الْخَرَاجِ التَّمْكِينُ مِنْ النَّفْعِ لِوُجُوبِهِ وَإِنْ لَمْ تُزْرَعْ وَسَبَبُ الْعُشْرِ: الزَّرْعُ كَأُجْرَةِ الْمَتْجَرِ مَعَ زَكَاةِ التِّجَارَةِ وَلِأَنَّهُمَا شَيْئَانِ مُخْتَلِفَانِ لِمُسْتَحَقِّينَ فَجَازَ اجْتِمَاعُهُمَا كَالْجَزَاءِ وَالْقِيمَةِ فِي الصَّيْدِ الْمَمْلُوكِ وَالْحَدِيثُ الْمَرْوِيُّ «لَا يَجْتَمِعُ الْعُشْرُ وَالْخَرَاجُ فِي أَرْضِ مُسْلِمٍ» ضَعِيفٌ جِدًّا قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لَيْسَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ ثُمَّ يُحْمَلُ عَلَى الْخَرَاجِ الَّذِي هُوَ الْجِزْيَةُ وَلَوْ كَانَ عُقُوبَةً لَمَا وَجَبَ عَلَى الْمُسْلِمِ كَالْجِزْيَةِ..أقسام الأرض الخراجية: (وَهِيَ) أَيْ الْأَرْضُ الْخَرَاجِيَّةُ ثَلَاثَةُ أَضْرُبٍ إحْدَاهَا (مَا فُتِحَتْ عَنْوَةً وَلَمْ تُقْسَمْ) بَيْنَ الْغَانِمِينَ.(وَ) الثَّانِيَةُ (مَا جَلَا عَنْهَا أَهْلُهَا خَوْفًا مِنَّا وَ) الثَّالِثَةُ (مَا صُولِحُوا) أَيْ أَهْلُهَا (عَلَيْهَا عَلَى أَنَّهَا لَنَا وَنُقِرُّهَا مَعَهُمْ بِالْخَرَاجِ) الَّذِي يَضْرِبُهُ عَلَيْهَا الْإِمَامُ عَلَى مَا يَأْتِي فِي بَيَانِهِ فِي الْأَرَاضِي الْمَغْنُومَةِ..أقسام الأرض العشرية وأحكامها: (وَالْأَرْضُ الْعُشْرِيَّةُ لَا خَرَاجَ عَلَيْهَا) لِأَنَّهَا مِلْكٌ لِأَرْبَابِهَا (وَهِيَ) أَيْ الْأَرْضُ الْعُشْرِيَّةُ (الْأَرْضُ الْمَمْلُوكَةُ) وَهِيَ خَمْسَةُ أَضْرُبٍ الْأُولَى (الَّتِي أَسْلَمَ أَهْلُهَا عَلَيْهَا كَالْمَدِينَةِ) الْمُنَوَّرَةِ (وَنَحْوِهَا) كَجُوَاثَى مِنْ قُرَى الْبَحْرَيْنِ.(وَ) الثَّانِيَةُ (مَا أَحْيَاهُ الْمُسْلِمُونَ وَاخْتَطُّوهُ كَالْبَصْرَةِ) بِتَثْلِيثِ الْبَاءِ قَالَ فِي حَاشِيَتِهِ: بُنِيَتْ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي سَنَةِ ثَمَانِ عَشْرَةَ بَعْدَ وَقْفِ السَّوَادِ وَلِهَذَا دَخَلَتْ فِي حَدِّهِ دُونَ حُكْمِهِ.(وَ) الثَّالِثَةُ (مَا صَالَحَ أَهْلَهَا عَلَى أَنَّهَا لَهُمْ بِخَرَاجٍ يُضْرَبُ عَلَيْهَا كَالْيَمَنِ وَ) الرَّابِعَةُ (مَا أَقْطَعَهَا الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ) مِنْ السَّوَادِ إقْطَاعَ تَمْلِيكٍ قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ: وَالْأَرْضُونَ الَّتِي يَمْلِكُهَا أَرْبَابُهَا لَيْسَ فِيهَا خَرَاجٌ مِثْلُ هَذِهِ الْقَطَائِعِ الَّتِي أَقْطَعَهَا عُثْمَانُ فِي السَّوَادِ لِسَعْدٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَخَبَّابٍ.قَالَ الْقَاضِي: وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ أَقْطَعْهُمْ مَنَافِعَهَا وَخَرَاجَهَا وَلِلْإِمَامِ إسْقَاطُ الْخَرَاجِ عَلَى وَجْهِ الْمَصْلَحَةِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَلَعَلَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْقَاضِي هَذَا أَنَّهُمْ لَمْ يَمْلِكُوا الْأَرْضَ بَلْ أَقَطَعُوا الْمَنْفَعَةَ وَأُسْقِطَ الْخَرَاجُ لِلْمَصْلَحَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ جَمَاعَةٌ هَذَا الْقِسْمَ مِنْ أَرْضِ الْعُشْرِ انْتَهَى وَهُوَ ظَاهِرٌ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ السَّوَادَ وَقْفٌ فَلَا يُمْكِنُ تَمَلُّكُهُ لَكِنْ يَأْتِي أَنَّهُ يَصِحُّ بَيْعُهُ مِنْ الْإِمَامِ وَوَقْفُهُ لَهُ فَلِذَلِكَ أَبْقَى الْأَكْثَرُ كَلَامَ الْإِمَامِ عَلَى ظَاهِرِهِ وَأَنَّهُ تَمْلِيكٌ.(وَ) الْخَامِسَةُ (مَا فُتِحَ عَنْوَةً وَقُسِمَ كَنِصْفِ خَيْبَرَ) بَلْدَةٌ مَعْرُوفَةٌ عَلَى نَحْوِ أَرْبَعِ مَرَاحِلَ مِنْ الْمَدِينَةِ إلَى جِهَةِ الشَّامِ ذَاتُ نَخِيلٍ وَمَزَارِعَ، وَحُصُونٍ، وَهِيَ بِلَادُ طَيِّئٍ فَتَحَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَوَائِلِ سَنَةِ سَبْعٍ، قَالَهُ فِي حَاشِيَتِهِ.(وَلِلْإِمَامِ إسْقَاطُ الْخَرَاجِ عَمَّنْ بِيَدِهِ أَرْضٌ خَرَاجِيَّةٌ عَلَى وَجْهِ الْمَصْلَحَةِ) يَبْذُلُ لِأَجْلِهَا مِنْ مَالِ الْفَيْءِ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي أَخْذِهِ مِنْهُ، ثُمَّ رَدَّهُ أَوْ مِثْلَهُ إلَيْهِ (وَيَأْتِي) فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ.(وَيَجُوزُ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ شِرَاءُ أَرْضٍ عُشْرِيَّةٍ مِنْ مُسْلِمٍ) لِأَنَّهَا مَالُ مُسْلِمٍ يَجِبُ الْحَقُّ فِيهِ لِأَهْلِ الزَّكَاةِ، فَلَمْ يُمْنَعْ الذِّمِّيُّ مِنْ شِرَائِهِ (كـ) الْأَرْضِ (الْخَرَاجِيَّةِ) فَلِلذِّمِّيِّ شِرَاؤُهَا مِنْ مُسْلِمٍ، إذَا حَكَمَ بِهِ مَنْ يَرَاهُ أَوْ كَانَ الشِّرَاءُ مِنْ الْإِمَامِ (وَلَا عُشْرَ عَلَيْهِمْ) أَيْ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ إذَا اشْتَرَوْا الْأَرْضَ الْعُشْرِيَّةَ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ (كَالسَّائِمَةِ وَغَيْرِهَا) مِنْ سَائِرِ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ.(فَإِنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيهَا) عَلَى الذِّمِّيِّ لَكِنْ إنْ كَانَ تَغْلِبِيًّا فَعَلَيْهِ فِيمَا يُزَكَّى زَكَاتَانِ، يُصْرَفَانِ مَصْرِفَ الْجِزْيَةِ لَا مَصْرِفَ الزَّكَاةِ وَإِذَا أَسْلَمَ سَقَطَ عَنْهُ إحْدَاهُمَا وَصُرِفَتْ الْأُخْرَى مَصْرِفَ الزَّكَاةِ (لَكِنْ يُكْرَهُ لِلْمُسْلِمِ بَيْعُ أَرْضِهِ مِنْ ذِمِّيٍّ وَإِجَارَتُهَا نَصًّا) وَكَذَا إعَارَتُهَا مِنْهُ (لِإِفْضَائِهِ إلَى إسْقَاطِ عُشْرِ الْخَارِجِ مِنْهَا إلَّا لِتَغْلِبِيٍّ فَلَا يُكْرَهُ ذَلِكَ) لِعَدَمِ إفْضَائِهِ إلَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ عُشْرَانِ يُصْرَفَانِ كَمَا تَقَدَّمَ (وَلَا شَيْءَ) أَيْ لَا زَكَاةَ عَلَى ذِمِّيٍّ فِيمَا اشْتَرَاهُ مِنْ أَرْضٍ خَرَاجِيَّةٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ إذَا زَرَعَهُ أَوْ غَرَسَهُ.(وَلَا) زَكَاةَ عَلَيْهِ أَيْضًا (فِيمَا اسْتَأْجَرَهُ أَوْ اسْتَعَارَهُ مِنْ مُسْلِمٍ إذَا زَرَعَهُ) أَوْ غَرَسَهُ وَأَخْرَجَ مِنْهُ: مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَلَا فِيمَا إذَا جَعَلَ (الذِّمِّيُّ) دَارِهِ بُسْتَانًا أَوْ مَزْرَعَةً، وَلَا فِيمَا إذَا رَضَخَ الْإِمَامُ لَهُ أَرْضًا مِنْ الْغَنِيمَةِ، أَوْ أَحْيَا (الذِّمِّيُّ) مَوَاتًا (ثُمَّ زَرْعَهُ أَوْ غَرَسَهُ)، وَيَأْتِي فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ عَلَى ذِمِّيٍّ خَرَاجُ مَا أَحْيَا مِنْ مَوَاتٍ عَنْوَةً..فَصْلٌ: في زكاة العسل: وَفِي الْعَسَلِ الْعُشْرُ قَالَ الْأَثْرَمُ: سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: أَنْتَ تَذْهَبُ إلَى أَنَّ فِي الْعَسَلِ زَكَاةً؟ قَالَ نَعَمْ، أَذْهَبُ إلَى أَنَّ فِي الْعَسَلِ زَكَاةً: الْعُشْرَ، قَدْ أَخَذَ عُمَرُ مِنْهُمْ الزَّكَاةَ قُلْت ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُمْ يُطَوِّعُونَ؟ قَالَ: لَا، بَلْ أَخَذَ مِنْهُمْ (سَوَاءٌ أَخَذَهُ مِنْ مَوَاتٍ) كَرُءُوسِ الْجِبَالِ (أَوْ) أَخَذَهُ (مِنْ مِلْكِهِ) أَيْ مِنْ أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ لَهُ، عُشْرِيَّةً كَانَتْ أَوْ خَرَاجِيَّةً (أَوْ) مِنْ أَرْضٍ (مِلْكِ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ) أَيْ الْعَسَلَ (لَا يُمْلَكُ بِمِلْكِ الْأَرْضِ، كَالصَّيْدِ) وَالطَّائِرِ يُعَشِّشُ بِمِلْكِهِ وَالْأَصْلُ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ: مَا رَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كَانَ يَأْخُذُ فِي زَمَانِهِ مِنْ قِرَبِ الْعَسَلِ مِنْ كُلِّ عَشْرِ قِرَبٍ قِرْبَةً مِنْ أَوْسَاطِهَا» رَوَاه أَبُو عُبَيْدٍ وَالْأَثْرَمُ وَابْنُ مَاجَهْ وَعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى عَنْ أَبِي سَيَّارَةَ الْمُتَعِيِّ قَالَ «قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ لِي نَخْلًا قَالَ: فَأَدِّ الْعُشُورَ قَالَ قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ، احْمِ لِي جَبَلَهَا قَالَ: فَحَمَى لِي جَبَلَهَا» رَوَاه أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ إلَّا سُلَيْمَانَ الْأَشْدَقَ قَالَ الْبُخَارِيُّ: عِنْدَهُ مَنَاكِيرُ وَقَدْ وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هُوَ ثِقَةٌ عِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ أَبَا سَيَّارَةَ.وَلِذَلِكَ احْتَجَّ أَحْمَدُ بِقَوْلِ عُمَرَ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لَيْسَ فِي وُجُوبِ الصَّدَقَةِ فِي الْعَسَلِ حَدِيثٌ يَثْبُتُ، وَلَا إجْمَاعٌ قَالَ الْمَجْدُ الْقِيَاسُ عَدَمُ الْوُجُوبِ لَوْلَا الْأَثَرُ وَفَرْقٌ بَيْنَ الْعَسَلِ وَاللَّبَنِ: بِأَنَّ الزَّكَاةَ وَاجِبَةٌ فِي أَصْلِ اللَّبَنِ وَهُوَ السَّائِمَةُ بِخِلَافِ الْعَسَلِ وَبِأَنَّ الْعَسَلَ مَأْكُولٌ فِي الْعَادَةِ مُتَوَلِّدٌ مِنْ الشَّجَرِ، يُكَالُ وَيُدَّخَرُ، فَأَشْبَهَ التَّمْرَ وَذَلِكَ أَنَّ النَّحْلَ يَقَعُ عَلَى نُوَّارِ الشَّجَرِ فَيَأْكُلُهُ فَهُوَ مُتَوَلِّدٌ مِنْهُ.(وَنِصَابُهُ) أَيْ الْعَسَلِ (عَشَرَةُ أَفْرَاقٍ) نَصَّ عَلَيْهِ (كُلُّ فَرَقٍ- بِفَتْحِ الرَّاءِ- سِتَّةَ عَشَرَ رِطْلًا عِرَاقِيَّةً) لِمَا رَوَى الْجُوزَجَانِيُّ عَنْ عُمَرَ «أَنَّ نَاسًا سَأَلُوهُ فَقَالُوا: إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْطَعَ لَنَا وَادِيًا بِالْيَمَنِ، فِيهِ خَلَايَا مِنْ نَحْلٍ وَإِنَّا نَجِدُ أُنَاسًا يَسُوقُونَهَا، فَقَالَ عُمَرُ إنْ أَدَّيْتُمْ صَدَقَتَهَا مِنْ كُلِّ عَشَرَةِ أَفْرَاقٍ فَرَقًا، حَمَيْنَاهَا لَكُمْ» وَهَذَا تَقْدِيرٌ مِنْ عُمَرَ، يَجِبُ الْمَصِيرُ إلَيْهِ، وَالْفَرَقُ مِكْيَالٌ مَعْرُوفٌ بِالْمَدِينَةِ ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ فَحُمِلَ كَلَامُ عُمَرَ عَلَى الْمُتَعَارَفِ بِبَلَدِهِ أَوْلَى، وَهُوَ بِتَحْرِيكِ الرَّاءِ سِتَّةُ أَقْسَاطٍ وَهِيَ ثَلَاثَةُ آصُعٍ، فَتَكُونُ اثْنَيْ عَشَرَ مُدًّا وَأَمَّا الْفَرْقُ- بِسُكُونِ الرَّاءِ: فَمِكْيَالٌ ضَخْمٌ مِنْ مَكَايِيلِ أَهْلِ الْعِرَاقِ قَالَهُ الْخَلِيلُ قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ وَغَيْرُهُ: مِائَةٌ وَعِشْرُونَ رِطْلًا قَالَ الْمَجْدُ: لَا قَائِلَ بِهِ هُنَا وَذَكَره بَعْضُهُمْ قَوْلًا (فَيَكُونُ نِصَابُ الْعَسَلِ مِائَةً وَسِتِّينَ رِطْلًا) عِرَاقِيَّةً قُلْت: وَمِائَةٌ وَاثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ رِطْلًا وَسِتَّةُ أَسْبَاعِ رِطْلٍ مِصْرِيٍّ وَأَرْبَعَةٌ وَثَلَاثُونَ رِطْلًا وَسُبْعَا رِطْلٍ دِمَشْقِيٍّ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ رِطْلًا وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاعِ رِطْلٍ حَلَبِيٍّ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ رِطْلًا وَخَمْسَةُ أَسْبَاعِ رِطْلٍ قُدْسِيٍّ وَاثْنَانِ وَعِشْرُونَ رِطْلًا وَسِتَّةُ أَسْبَاعِ رِطْلٍ بَعْلِيٍّ.(وَلَا تَتَكَرَّرُ زَكَاةُ مُعَشَّرَاتٍ) فَمَتَى زَكَّاهَا فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ.(وَلَوْ بَقِيَتْ) عِنْدَهُ (أَحْوَالًا) لِأَنَّهَا غَيْرُ مُرْصَدَةٍ لِلنَّمَاءِ فَهِيَ كَعَرْضِ الْقِنْيَةِ بَلْ أَوْلَى لِنَقْصِهَا بِأَكْلٍ وَنَحْوِهِ (مَا لَمْ تَكُنْ لِلتِّجَارَةِ) فَتُقَوَّمُ عِنْدَ كُلِّ حَوْلٍ بِشَرْطِهِ كَسَائِرِ عُرُوضِ التِّجَارَةِ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ مُرْصَدَةٌ لِلنَّمَاءِ كَالْأَثْمَانِ.(وَلَا شَيْءَ فِي الْمَنِّ وَالتَّرَنْجِيلِ وَالشَّيْرَخَشْكِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يَنْزِلُ مِنْ السَّمَاءِ كَاللَّاذَنِ وَهُوَ طَلٌّ وَنَدًى يَنْزِلُ عَلَى نَبْتٍ فَتَأْكُلُهُ الْمِعْزَى فَتَتَعَلَّقُ) تِلْكَ (الرُّطُوبَةُ بِهَا فَتُؤْخَذُ) لِعَدَمِ النَّصِّ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوُجُوبِ وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: فِيهِ الْعُشْرُ كَالْعَسَلِ.(وَ تَضْمِينُ أَمْوَالِ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ) بِقَدْرٍ مَعْلُومٍ (بَاطِلٌ وَعِلَلُهُ فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ) لِلْقَاضِي أَبِي يَعْلَى (وَغَيْرِهَا: بِأَنَّ ضَمَانَهَا بِقَدْرٍ مَعْلُومٍ يَقْتَضِي الِاقْتِصَارَ عَلَيْهِ فِي تَمَلُّكِ مَا زَادَ) عَنْ الْقَدْرِ الْمَضْمُونِ بِهِ.(وَ) يَقْتَضِي غُرْمَ مَا نَقَصَ عَنْهُ (وَهَذَا مُنَافٍ لِمَوْضُوعِ الْعِمَالَةِ وَ) لِ (حُكْمِ الْأَمَانَةِ) سُئِلَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ حَرْبٍ عَنْ تَفْسِيرِ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ الْقَبَالَاتُ رِبًا قَالَ هُوَ أَنْ يَتَقَبَّلَ بِالْقَرْيَةِ وَفِيهَا الْعُلُوجُ وَالنَّخْلُ فَسَمَّاهُ رِبًا أَيْ فِي حُكْمِهِ فِي التَّحْرِيمِ وَالْبُطْلَانِ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ إيَّاكُمْ وَالرِّبَا أَلَا وَهِيَ الْقَبَالَاتُ أَلَا وَهِيَ الذُّلُّ وَالصَّغَارُ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: الْقَبِيلُ: الْكَفِيلُ وَالْعَرِيفُ وَقَدْ قَبِلَ بِهِ يَقْبَلُ وَيَقْبَلُ قُبَالَةً وَنَحْنُ فِي قُبَالَتِهِ أَيْ عَرَافَتِهِ.
|