الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: روضة الطالبين وعمدة المفتين **
لا يجب على السيد أن يكاتب عبده وحكى صاحب التقريب قولا أنها واجبة إذا طلبها العبد لقول الله تعالى " فكاتبوهم " والمشهور الأول وبه قطع الجماهير كما لا يجب التدبير وشراء القريب والآية محمولة على الندب فتستحب الإجابة إذا طلبها العبد وكان أميناً قادراً على الكسب فإن فقد الشرطان لم يستحب ولكن لا يكره لأنها قد تفضي إلى العتق وقال ابن القطان يكره والصحيح الأول وإن فقدت الأمانة وقدر على الكسب لم يستحب على الصحيح وقيل يستحب دون الاستحباب مع الشرطين وإن كان أميناً بلا كسب لم يستحب على الأصح ولو طلب السيد الكتابة فامتنع العبد لم يجبره وفي الكتابة بابان:
وهي أربعة وهي أن يقول لعبده كاتبتك على ألف مثلا تؤديه إلي في نجمين مثلا أو أكثر فإذا أديت فأنت حر فيقول العبد قبلت ولو لم يصرح بتعليق الحرية بالأداء لكن نواه بقوله كاتبتك على كذا صحت الكتابة أيضاً فإن لم يصرح بالتعليق ولا نواه لم يصح ولم يحصل العتق ومنهم من خرج من التدبير قولا أن لفظ الكتابة صريح مغن عن التصريح بالتعلق ونيته وقد سبق في التدبير عن أبي إسحاق أنه قال إن كان الرجل فقيهاً صحت كتابته بمجرد اللفظ وإلا فلا بد من التعليق أو نيته والمذهب الأول والفرق بين التدبير والكتابة أن التدبير مشهور بين الخواص والعوام والكتابة لا يعرفها العوام وقد نقلوا عن أبي إسحاق أنه قال على هذا لو كان قريب الإسلام أو جاهلا بالأحكام لا يعرف التدبير لم ينعقد تدبيره بمجرد لفظة التدبير حتى تنضم إليه نية أو زيادة لفظ وحكي وجه أنه إن ذكر ما تتميز به الكتابة عن المخارجة كفى كقوله تعاملني أو أضمن لك أرش الجناية أو يستحق مني الإيتاء أو من الناس سهم الرقاب فيكفي عن تعليق الحرية بالأداء ولا خلاف أنه لا يكفي قوله كاتبتك وحده كما إذا قال بعتك كذا ولم يذكر عوضاً. فرع قال أنت حر على ألف فقبل عتق في الحال وثبت الألف في ذمته كقوله لزوجته أنت طالق على ألف فقبلت ولو قال إن أعطيتني ألفاً أو أديت لي ألفاً فأنت حر فلا يمكنه أن يعطيه من مال نفسه لأنه لا يملك فلو أعطاه من مال غيره هل يعتق وجهان أصحهما لا والثاني نعم فعلى هذا هل سبيله سبيل الكتابة الفاسدة أم تعليق محض وجهان فإن قلنا كتابة فاسدة رد السيد ما أخذ ورجع على العبد بقيمته وتبعه كسبه وأولاده الحاصلة بعد التعليق وإن قلنا تعليق فهل يرجع عليه بقيمته وجهان أصحهما لا ولا يتبعه الكسب والولد بخلاف ما إذا قال لزوجته إن أعطيتني ألفاً فأنت طالق فأعطته مغصوباً وقلنا تطلق فإنه يرجع لأنها أهل للالتزام وقت المخاطبة بخلاف العبد. فرع قال لعبده بعتك نفسك بكذا فقال اشتريت أو قال العبد بعني نفسي بكذا فقال بعتك صح البيع وثبت المال في ذمته وعتق في الحال كما لو أعتقه على مال وذكر الربيع قولا انه لا يصح فمن الأصحاب من أثبته قولا ضعيفاً ومنهم من نفاه وقال هو تخريج له فعلى المذهب للسيد الولاء كما لو أعتقه على مال وفيه وجه سبق ولو أقر السيد بأنه باعه نفسه فأنكر العبد عتق بالإقرار وحلف أنه لم يشتر ولا شيء عليه ولو قال بعتك نفسك بهذه العين أو بخمر أو خنزير فإن صححنا بيعه له وأثبتنا الولاء للسيد عتق وعليه قيمته كما لو قال أعتقتك على خمر أو خنزير فإن قلنا لا ولاء عليه لم يصح ولم يعتق كما لو باعه لأجنبي بخمر ولو قال وهبت لك نفسك أو ملكتك فقبل عتق ولو أوصى له برقبته فقبل بعد الموت عتق. واعلم أن الإعتاق على عوض وبيع العبد نفسه يشاركان الكتابة في أن كل واحد منها يتضمن إعتاقاً بعوض ويفارقانها في الشروط والأحكام وهما عقدان مستقلان. الركن الثاني العوض وشروطه ثلاثة الأول كونه ديناً مؤجلا إذ لا قدرة له في الحال فلو ملك بعض شخص باقيه حر وكاتبه في ملكه بدين حال لم يصح على الأصح وقيل يصح لأنه يملك ببعضه الحر فلا يتحقق عجزه ولهذا يصح البيع لمعسر لأن الحرية مظنة الملك وإن لم يملك شيئاً آخر فلو زاد الثمن على قيمة المبيع فالصحيح الصحة وبه قطع الجمهور لأنه قد يجد من يشتريه بقدر الثمن فيؤدي ذلك وحكى الشيخ أبو محمد وجهاً أنه لا يصح البيع والحالة هذه ولو أسلم إلى مكاتبه عقب الكتابة ففي صحته وجهان حكاهما القاضي حسين. الثاني أن ينجم نجمين فصاعداً ومن بعضه رقيق هل يشترط في كتابة الرقيق منه التنجيم وجهان كالتأجيل وهل تجوز الكتابة على مال كثير إلى نجمين قصيرين أو إلى طويل وقصير بشرط أداء الأكثر في القصير وجهان أصحهما نعم لإمكان القدرة كما لو أسلم إلى معسر في مال كثير والثاني لا لأن النادر كالمعجوز عنه كما في السلم ويجوز جعل العوض منفعة كبناء دار وخياطة وخدمة شهر كما يجوز جعل المنفعة ثمناً وأجرة ومهراً ولا يجوز أن يكتفى بخدمة شهر أو شهرين أو سنة ويقدر كل عشرة أيام نجماً أو كل شهر لأن الجميع نجم واحد والمطالبة به ثابتة في الحال فلو شرط صريحاً كون خدمة شهر نجما وخدمة الشهر بعده نجماً آخر لم يصح على الأصح المنصوص في الأم لأن منفعة الشهر الثاني متعينة والمنافع المتعلقة بالأعيان لا يجوز شرط تأخيرها ولو انقطع ابتداء المدة الثانية عن آخر الأولى كخدمة رجب ورمضان لم يصح بلا خلاف ثم يشترط أن تتصل الخدمة وغيرها من المنافع المتعلقة بالأعيان بعقد الكتابة ولا تتأخر عنها كما أن عين المبيع لا يقبل التأجيل وتأخير التسليم فلو كاتبه في رمضان على خدمة شوال لم يصح ولو كاتبه على دينار يؤديه في آخر هذا الشهر وعلى خدمة الشهر الذي بعده لم يصح. وأما المنافع الملتزمة في الذمة كخياطة ثوب معين وبناء جدار موصوف ودار موصوفة فيجوز فيها التأجيل ولو كاتبه على بناء دارين وجعل لكل واحدة منهما وقتاً معلوماً صح ولو قال كاتبتك على خدمة شهر من الآن وعلى دينار بعد انقضائه بيوم أو شهر جاز ولو قال وعلى دينار عند انقضائه فوجهان وقيل قولان الأصح المنصوص الجواز قالوا ولا بأس بكون المنفعة حالة لأن التأجيل يشترط لحصول القدرة وهو قادر على الاشتغال بالخدمة في الحال بخلاف ما لو كاتب على دينارين أحدهما حال والآخر مؤجل وهذا يبين أن الأجل وإن أطلقوا اشتراطه فليس ذلك بشرط في المنفعة التي تقدر على الشروع فيها في الحال ولو كاتب على خدمة شهر ودينار في أثناء الشهر كقوله ودينار بعد العقد بيوم جاز على الأصح ولو قال على خدمة شهر من وقت العقد وعلى خياطة ثوب موصوف بعد انقضاء الشهر فهو كقوله ودينار بعد انقضاء الشهر وذكر البغوي أنه يشترط بيان العمل في الخدمة قال ابن الصباغ يكفي إطلاق الخدمة لكن لو قال على منفعة شهر لم يصح لاختلاف المنافع وإذا كاتب على خدمة ودينار فمرض في الشهر وفاتت الخدمة انفسخت الكتابة في قدر الخدمة وأما الباقي فقيل تبطل فيه قطعاً لأنها لا تصح في بعض العبد وقيل هو كمن باع عبدين فتلف أحدهما قبل القبض ففي الباقي طريقان أحدهما لا تبطل والثاني قولان. فرع إذا قال لعبده أعتقتك على أن تخدمني أو على أن تخدمني أبداً فقبل العبد عتق في الحال ورجع السيد عليه بقيمته ولو قال على أن تخدمني شهراً من الآن فقبل عتق وعليه الوفاء فإن تعذر بمرض وغيره ففيما يرجع عليه السيد به من أجرة مثل الخدمة أو قيمة العبد قولان كالصداق وبدل الخلع إذا تلفا قبل القبض ولو قال كاتبتك على أن تخدمني أبداً لم يعتق ولو قال على أن تخدمني شهراً فقبل وخدمه شهراً عتق ورجع السيد عليه بقيمته وهو على السيد بأجرة مثل الخدمة لأنها كتابة فاسدة وإن خدمه أقل من شهر لم يعتق. الشرط الثالث بيان قدر العوض والأجل فيشترط بيان قدر العوض وصفته وأقدار الآجال وما يؤدى عند حلول كل نجم فإن كاتب على نقد كفى الإطلاق إن كان في البلد نقد منفرد أو غالب وإلا فيشترط التبيين وإن كاتب على عرض وصفه بالصفات المشترطة في المسلم وإن كاتب على ثوب موصوف على أن يؤدي نصفه بعد سنة ونصفه بعد سنة ونصفه الآخر بعد انقضاء سنتين لم يصح لأنه إذا سلم النصف في السنة الأولى تعين النصف الثاني للثانية والمعين لا يجوز شرط الأجل فيه ولا يشترط تساوي الآجال ولا الأقدار المؤداة في آخر الآجال ولو كاتبه على مائة على أن يؤدي نصفها أو ثلثها عند انقضاء خمس والباقي عند تمام العشر أو على أن يؤدي عند تمام كل سنة عشرة جاز ولو قال تؤدي بعضها عند انقضاء نصف المدة والباقي عند تمامها لم يجز ولو قال تؤديها في عشر سنين لم يجز على الصحيح وقيل يجوز ويوزع المال على عدد السنين ولو قال في كل شهر كذا وفي سنة كذا فهل هو مجهول أم يحمل على أول الشهر والسنة وجهان كنظيره في السلم وكذا لو قال في يوم كذا ولو قال في وسط السنة فهل هو مجهول أم يحمل على نصفها لأنه الوسط الحقيقي وجهان ولو قال تؤديها إلى عشر سنين لم يجز لأنه كتابة إلى أجل واحد ولو قال كاتبتك على مائة تؤديها إلى ثلاثة أشهر قسط كل شهر عند انقضائه جوزه ابن سريج ومنعه ابن أبي هريرة وغيره إذا لم يعلم حصة كل شهر ولو كاتب على دينار إلى شهر ودينارين إلى شهر على أنه إذا أدى الأول عتق ويؤدي الدينارين بعد العتق ففي صحة الكتابة القولان فيما إذا جمعت الصفقة عقدين مختلفين. فرع هل يشترط بيان موضع تسليم النجوم ذكر ابن كج أن فيه الخلاف المذكور في السلم وذكر خلافاً في أنه لو عين موضع فخرب هل يسلم فيه أم في أقرب المواضع إليه. فرع لو كاتب على مال الغير فسدت الكتابة فإن أذن رب المال في أن يعطيه لسيده فأعطاه عتق وإن أعطاه بغير إذن المالك لم يعتق بخلاف ما إذا قال إن أديت إلي هذا فأنت حر فإنه إذا أداه عتق وإن كان مستحقاً لأن ذلك محض تعليق وهذه كتابة تقتضي التمليك فإذا وجد إذن المالك وجد ما يقتضي الملك لكن يجب الرد والرجوع إلى القيمة لفساد الكتابة. فرع إذا شرط أن يشتري أحدهما من الآخر فسدت الكتابة ولو كاتبه وباعه شيئاً بعوض واحد كقوله كاتبتك وبعتك هذا الثوب بمائة إلى شهرين تؤدي نصفها في آخر كل شهر فإذا أديت فأنت حر فقال قبلت الكتابة والبيع أو البيع والكتابة أو قبلتهما فطريقان أحدهما على القولين فيمن جمع بين عقدين مختلفي الحكم ففي قول يصحان وفي قول يبطلان والثاني وهو المذهب يبطل البيع وفي الكتابة قولا تفريق الصفقة فإن صححناها وهو الأظهر فيصح بجميع العوض في قول وبالقسط على الأظهر فيوزع ما سماه على قيمة العبد وقيمة الثوب فما خص العبد لزمه في النجمين فإذا أداه عتق وإن قلنا فاسدة لم يعتق حتى يؤدي جميع المال ليحقق الصفة ثم يتراجعان قال الصيدلاني ويحتمل أن يخرج قول انه إذا أدى ما يخص قيمته عتق ثم يتراجعان. فرع كاتب ثلاثة أعبد صفقة فقال كاتبتكم على ألف إلى وقتي كذا وكذا فإذا أديتم فأنتم أحرار فالنص صحة الكتابة ولو اشترى رجل ثلاثة أعبد كل لرجل عبد من ملاكهم صفقة فالنص بطلان البيع ولو نكح نسوة أو خالعهن على عوض واحد ففي صحة المسمى قولان منصوصان وقد سبق ذكر هذه الصورة وما فيها من الطرق في كتاب الصداق فإن أفسدنا هذه الكتابة فأدوا المال عتقوا بالتعليق وإن أدى بعضهم حصته فهل يعتق وجهان أو قولان أصحهما لا لعدم كمال الصفة كما لو قال إن دخلتم الدار فأنتم أحرار فدخل بعضهم لا يعتق والثاني نعم لأن العتق في الكتابة الفاسدة محمول على المعاوضة ولهذا يتراجعان ومقتضى المعاوضة أن يعتق كل واحد بأداء حصته ثم من عتق رجع على السيد بقيمته يوم العتق لأن سلطة السيد باقية إلى يوم العتق لتمكنه من فسخ الكتابة الفاسدة وإن صححنا الكتابة وهو المذهب وزع المسمى عليهم ثم المذهب توزيعه على قيمتهم لا على عددهم ثم كل عبد يؤدي حصته من النجمين فإذا أداها عتق ولا يتوقف عتقه على أداء غيره وإن مات بعضهم أو عجز فهو رقيق ويعتق غيره بالأداء ولا يقال علق بأدائهم لأن الكتابة الصحيحة يغلب فيها حكم المعاوضة ولهذا إذا أبرأ السيد المكاتب عتق وإذا مات لم تبطل الكتابة بخلاف التعليقات. الركن الثالث السيد وشرطه كونه مختاراً مكلفاً أهلا للتبرع فلا تصح كتابة صبي ومجنون ولا إعتاقهما على مال ولو أذن فيه الولي ولا كتابة وليهما أباً كان أو غيره ولا إعتاقه عبدهما بمال فلو أدى العبد إلى الولي ما كاتبه عليه لم يعتق لبطلان التعليق ولا تصح كتابة محجور عليه بسفه ولا يحصل العتق بتسليم المال إليه لا في الحجر ولا بعد ارتفاعه وحكى الفوراني خلافاً فيما لو سلم المال إليه في حال الحجر ثم ارتفع حجره أنه هل يعتق بالتسليم السابق والمذهب الأول. فرع المريض إذا كاتب في مرض موته اعتبرت قيمة العبد من الثلث وإن كاتبه على أكثر منها ثم إن كان يملك عند الموت مثلي قيمته صحت الكتابة وإن لم يملك غيره وأدى في حياة السيد فإن كان كاتبه على مثلي قيمته عتق كله لأنه يبقى للورثة مثلاه وإن كان كاتبه على مثل قيمته عتق ثلثاه وإن كاتبه على مثل قيمته وأدى نصف النجوم صحت الكتابة في نصفه أما إذا لم يؤد شيئاً حتى مات السيد ولم تجز الورثة ما زاد على الثلث فثلثه مكاتب فإذا أدى حصته من النجوم عتق وهل يزاد في الكتابة بقدر نصف ما أدى وهو سدس العبد وجهان الأصح المنصوص لا لأن الكتابة بطلت في الثلثين فلا تعود والثاني نعم كما لو ظهر للميت دفين أو نصب شبكة في الحياة فيعقل بها صيد بعد الموت فإنه يزاد في الكتابة فإن قلنا يزاد وكان الأداء بعد حلول النجم فهل يلزمه حصة السدس من النجوم في الحال أم يضرب له مثل المدة التي ضربها الميت أولا وجهان بناء على ما إذا حبس السيد المكاتب مده فإذا زيدت الكتابة بقدر السدس فأدى نجومه يزداد نصف السدس وهكذا يزاد نصف ما يؤدي مرة بعد أخرى إلى أن ينتهي إلى ما لا يقبل التنصيف وإن قلنا لا يزاد في الكتابة فالباقي قن ولا يخرج على الخلاف فيما لو كاتب نصيبه من مشترك فإن ذاك ابتداء كتابة وهنا وردت الكتابة على الجميع ثم دعت ضرورة إلى إبطال البعض وحكى ابن كج عن بعضهم تخريج صحة الكتابة في الثلث على كتابة المشترك أما إذا أجاز الورثة الكتابة في جميعه فيصح في جميعه فإذا عتق بالأداء فولاء الجميع للمورث إن قلنا إجازتهم تنفيذ وإن قلنا ابتداء عطية فولاء الثلث للمورث والثلثين لهم على قدر مواريثهم وإن أجازوا بعض الثلثين فإن قلنا إجازتهم تنفيذ صحت فيما أجازوا وحكم الباقي ما سبق وإن قلنا عطية فهو على الخلاف في تبعيض الكتابة ولو كان عبدان قيمتهما سواء لا مال له غيرهما وكاتب في مرض موته أحدهما وباع الآخر نسيئة نظر إن حصل الثمن والنجوم في حياته فالكتابة والبيع صحيحان وإن لم يحصل حتى مات السيد ولم تجز الورثة ما زاد على الثلث صحت الكتابة في ثلث هذا والبيع في ثلث ذاك فإذا حصلت نجوم الثلث وثمن الثلث فهل يزاد في الكتابة والبيع فيه الوجهان إن قلنا نعم يقع فيهما جميعاً وصححت الكتابة في نصف سدس وكذا البيع وإن حصلت نجوم الثلث وثمن الثلث معاً صحح كل واحد منهما في السدس ولو كاتبه في الصحة ثم أبرأه عن النجوم في المرض أو قال وضعت عنه النجوم أو أعتقته فإن خرج من الثلث عتق كله وإن لم يكن له مال سواه فإن اختار العجز عتق ثلثه ورق ثلثاه وإن اختار بقاء الكتابة فإن كانت النجوم مثل القيمة فالأصح أنه يعتق ثلثه وتبقى الكتابة في الثلثين والثاني لا يعتق ثلثه حتى يسلم للورثة ثلثاه إما بأداء نجوم الثلثين وإما بالعجز وإن كان بين النجوم والقيمة تفاوت اعتبر خروج الأقل منهما من الثلث وقد ذكرنا جميع هذا ووجوهه وطرق حسابه في الوصايا ولو أوصى بإعتاق مكاتبه أو إبرائه أو وضع النجوم عنه نظر أيخرج من الثلث أم لا ويكون الحكم كما لو أعتقه السيد أو أبرأه إلا أنه يحتاج إلى إنشاء عتق وإبراء بعد موت السيد ولو كاتب في صحته وقبض النجوم في مرض موته أو قبضها وارثه بعد موته صح القبض وكانت الكتابة من رأس المال كما لو باع بمحاباة في الصحة وقبض الثمن في المرض ولو أقر في المرض أنه قبض النجوم في الصحة أو في المرض قبل إقراره وكان الاعتبار من رأس المال لأنه أقر بما يقدر على إنشائه ولأن الإقرار لغير الوارث يستوي فيه الصحة والمرض. لا يشترط لصحة الكتابة إسلام السيد بل تصح كتابة الكافر كإعتاقه وفي كتابة المرتد خمسة أقوال منصوصة ومخرجة أظهرها البطلان والثاني تصح والثالث موقوف على إسلامه والرابع يصح قبل الحجر عليه وإن قلنا يصير محجوراً عليه بنفس الردة والخامس يصح قبل أن يصير عليه حجراً إما بنفس الردة وإما بحجر القاضي فإذا صححناها ولم نحجر عليه وقلنا لا يصير محجوراً عليه بالردة فدفع المكاتب النجوم إليه عتق وكان له الولاء ويملك النجوم لأنا حكمنا ببقاء ملكه على هذا القول وإن أبطلناها لم يصح الأداء ولا يعتق وإن قلنا موقوف فالأداء موقوف فإن مات مرتداً بان بطلانها وكان العبد قنا وإن صار محجوراً عليه بنفس الردة أو بحجر القاضي فإن أبطلناها فعلى ما ذكرنا إذا لم يكن حجر وإن صححناها أو توقفنا لم يجز دفع النجوم إليه لأن المحجور عليه لا يصح قبضه بل يجب دفعه إلى الحاكم فإن دفعها إلى المرتد لم يعتق ويستردها ويدفعها إلى الحاكم فإن تلفت وتعذر الاسترداد فإن كان معه ما يفي بالنجوم ودفعه إلى الحاكم فذاك وإلا فله تعجيزه ثم إن مات السيد على الردة بعد ما عجزه فهو رقيق وإن أسلم فهل يكفي التعجيز قولان أو وجهان أظهرهما وهو نصه في المختصر نعم لأن المنع من التسليم إليه كان لحق المسلمين فإذا أسلم صار الحق له فيعتمد بقبضه فعلى هذا يعتق إن كان دفع إليه كل النجوم وقيل لا يعتق ولا ينقلب القبض الممنوع منه صحيحاً لكن يبقى مكاتباً فيستأنف الأداء ويمهل مدة الردة والصحيح المعروف الأول ولو كاتب مسلم عبده ثم ارتد السيد لم تبطل الكتابة كما لا يبطل بيعه لكن لا يجوز دفع النجوم إليه إن قلنا زال ملكه وصار محجوراً عليه فإن دفعها إليه فعلى ما ذكرناه. فرع يجوز أن يكاتب عبده المرتد كما يجوز بيعه وتدبيره وإعتاقه ثم إن أدى النجوم في ردته من أكسابه أو تبرع بأدائها غيره عتق ثم جرى عليه حكم المرتدين وإن لم يؤدها وعاد إلى الإسلام بقي مكاتباً وإن لم يسلم قتل وكان ما في يده لسيده وإن ارتد مكاتب لم تبطل كتابته فإن هلك على الردة كان ما في يده لسيده وارتفعت الكتابة قال في الأم ولا أجيز كتابة السيد المرتد والعبد المرتد إلا على ما أجيز عليه كتابة المسلمين بخلاف الكافرين الأصليين يتركان على ما يستحلان ما لم يتحاكما إلينا قال ولو لحق السيد بعد ردته بدار الحرب ووقف الحاكم ماله تتأدى كتابة مكاتبه فإن عجز رده إلى الرق فإن عجزه ثم جاء سيده فالتعجيز ماض ويكون رقيقاً له فإن أسلم السيد ففي الاعتداد بما دفعه إليه ما سبق. فرع تصح كتابة الذمي كتابياً كان أو مجوسياً وكتابة المستأمن هذا إذا كاتبوا على شرائط شرعنا فإن كاتب ذمي على خمر أو خنزير ثم أسلما أو ترافعا إلينا فإن كان ذلك قبل العوض المسمى فالعتق حاصل ولا رجوع للسيد على العبد وإن كان قبل القبض حكمنا بفسادها وإبطالها فإن وجد القبض بعد ذلك لم يحصل العتق لأنه لا أثر للكتابة الفاسدة بعد الفسخ والإبطال وإن قبض بعد الإسلام ثم ترافعا حصل العتق لوجود الصفة ويرجع السيد على المكاتب بقيمته ولا يرجع المكاتب على السيد بشيء للخمر والخنزير ولو كان المسمى له قيمة رجع وإن قبض بعض المسمى في الشرك ثم أسلما أو ترافعا إلينا حكم ببطلان الكتابة فلو اتفق قبض الباقي بعد الإسلام وقبل إبطالها حصل العتق ورجع السيد عليه بجميع قيمته ولا يوزع على المقبوض والباقي لأن العتق يتعلق بالنجم الأخير وقد وجد في الإسلام ولو أسلم عبد لذمي أو اشترى مسلماً وصححنا شراءه وأمرنا بإزالة الملك عنه فكاتبه صحت الكتابة على الأظهر لأن فيه نظراً للعبد فإن عجز أمر بإزالة الملك وإن قلنا لا يصح أمر بإزالة الملك في الحال فإن أدى النجوم قبل الإزالة عتق بحكم الكتابة الفاسدة ولو كاتب ذمي عبده فأسلم المكاتب لم ترتفع الكتابة على المذهب لقوة الدوام. تصح كتابة الحربي لأنه مالك فإن قهره سيده بعد الكتابة ارتفعت وصار قناً ولو قهر سيده صار حراً وعاد السيد عبداً له لأن الدار دار قهر وكذا لو قهر حر حراً هناك بخلاف ما لو دخل السيد والمكاتب دار الإسلام بأمان ثم قهر أحدهما الآخر لا يملكه لأن الدار دار حق وإنصاف ولو خرج المكاتب إلينا مسلماً هارباً من سيده ارتفعت الكتابة وصار حراً لأنه قهره على نفسه فزال ملكه عنه وإن خرج غير مسلم نظر إن خرج بإذنه وأماننا لتجارة وغيرها استمرت الكتابة وإن خرج هارباً بطلت وصار حراً ثم لا يمكن من الإقامة عندنا إلا بالجزية فإن لم يقبل أو كان ممن لا يقر بالجزية ألحق بمأمنه وإن جاءنا السيد مسلماً لم يتعرض لمكاتبه هناك وإن دخل بأمان مع المكاتب ولم يقهر أحدهما الآخر وأراد العود إلى دار الحرب وكاتبه بعد ما دخلا وأراد العود فلم يوافقه المكاتب لم يكن له أن يحمله قهراً كما لا يسافر المسلم بمكاتبه بل يوكل من يقبض النجوم فإن أراد أن يقيم طولب بالجزية ثم إن عتق المكاتب طولب بالجزية أو رد إلى المأمن وإن عجز نفسه عاد قنا للسيد قال ابن الصباغ ويبقى الأمان فيه وإن انتقض في نفس سيده بعوده لأن المال ينفرد بالأمان ولهذا لو بعث الحربي ماله إلى دار الإسلام بأمان ثبت الأمان للمال دون صاحبه ويجيء فيه الخلاف السابق في السيد فيمن رجع وخلف عندنا مالا ولو مات السيد في دار الإسلام أو بعد العود إلى دار الحرب ففي مال الكتابة قولان أظهرهما يبقى الأمان فيه فيرسل إلى ورثته لأنه لا خلاف أنهم ورثوه ومن ورث مالا ورثه بحقوقه كالرهن والضمين والثاني يبطل الأمان فيه ويكون قناً لأنه مال كافر لا أمان له وإن سبي السيد بعد رجوعه إلى دار الحرب نظر إن من عليه أو فدي أخذ النجوم وهما بما جرى في أمان ما دام في دار الإسلام فإن رجع انتقض الأمان فيه وفي المال إن تركه عندنا ما سبق وإن استرق زال ملكه وفي مال الكتابة طريقان أحدهما قولان كالموت والثاني لا يبطل قطعاً لأنه ينتظر عتقه ومصيره مالكاً بخلاف الميت وأما ولاء هذا المكاتب فإن عتق قبل استرقاق السيد فطريقان أحدهما أن الولاء كالمال فإن جعلناه فيئاً فالولاء لأهل الفيء وإن توقفنا فكذلك تتوقف في الولاء والثاني وهو المذهب أنه يسقط ولاؤه لأن الولاء لا يورث ولا ينتقل من شخص إلى شخص وإن استرق السيد قبل عتق المكاتب فإن جعلنا ما في ذمته فيئاً فادعى عتق بدفعه إلى المكاتب ففي الولاء وجهان وإن قلنا موقوف فإن عتق السيد دفع المكاتب المال إليه وكان له الولاء وإن مات رقيقا وصار المال فيئا ففي الولاء الوجهان ولو قال المكاتب في مدة التوقف انصبوا من يقبض المال لأعتق أجيب إليه وإذا عتق فليكن في الخلاف وقيل يبنى على أن مكاتب المكاتب إذا عتق تفريعاً على صحة كتابته يكون ولاؤه لسيد المكاتب أو يوقف على عتق المكاتب وفيه قولان إن قلنا بالأول فالولاء هنا لأهل الفيء وإن قلنا بالثاني فيوقف قال الروياني الأصح عند الأصحاب أنه يوقف المال والولاء فإن عتق فهما له وإن مات رقيقا فالمال فيء ويسقط الولاء. فرع كاتب مسلم عبداً كافراً في دار الإسلام أو الحرب صح فإن عتق لم يمكن من الإقامة بدارنا إلا بجزية فإن كاتب بدار الحرب فأسر لم تبطل كتابته لأنه في أمان سيده ولو استولى الكفار على مكاتب مسلم لم تبطل كتابته وكذا لم يبطل التدبير والاستيلاد فإذا استنقذ المسلمون مكاتبه فهل يحسب عليه مدة الأسر من أجل مال الكتابة طريقان أحدهما كما لو حبسه السيد والمذهب القطع بالاحتساب لعدم تقصير السيد وهل للسيد الفسخ بالتعجيز وهو الأسر إن قلنا يحسب فله ذلك ثم هل يفسخ بنفسه كما لو حبسه السيد والمذهب القطع بالاحتساب لعدم تقصير السيد وهل للسيد الفسخ بالتعجيز وهو الأسر إن قلنا يحسب فله ذلك ثم هل يفسخ بنفسه كما لو حضر المكاتب أو يرفع الأمر إلى القاضي ليبحث هل له مال وجهان أظهرهما الأول فإذا فسخت وخلص وأقام بينة أنه كان له من المال ما يكفي بالكتابة بطل الفسخ وأدى المال وعتق. الركن الرابع المكاتب وشرطه كونه مكلفاً مختاراً فلا تصح كتابة مجنون ولا صبي وإن كان مميزاً ولا مكره ولو كاتب البالغ لنفسه ولأولاده الصغار لم يصح لهم وفي صحتها لنفسه قولا تفريق الصفقة ولو كاتب عبده الصغير أو المجنون وقال في كتابته إذا أديت كذا فأنت حر فوجدت الصفة عتق هكذا قال الأصحاب وفيه احتمال للإمام ثم قيل يعتق بحكم كتابة فاسدة لأنه لم يرض بعتقه إلا بعوض فعلى هذا يرجع السيد عليه بقيمته ويرجع هو على السيد بما دفع والصحيح الذي عليه الجمهور أنه يعتق بمجرد الصفة وليس لما جرى حكم الكتابة الفاسدة في التراجع ولا غيره ولا تصح كتابة عبد مرهون لأنه مرصد للبيع ولا مستأجر لأنه مستحق المنفعة وتصح كتابة المعلق عتقه بصفة والمدبر والمستولدة وفي المستولدة وجه ولو قبل الكتابة من السيد أجنبي على أن يؤدي عن العبد كذا في نجمين فإذا أداها عتق العبد فهل يصح وجهان أحدهما نعم كخلع الأجنبي والثاني لا لمخالفة موضوع الباب فإن صححناها فهل تجوز حالة وجهان وإن لم نصححها فأدى عتق العبد بالصفة ويرجع المؤدي على السيد بما أدى والسيد عليه بقيمة العبد. قلت الأصح أنها لا تصح والله أعلم.
إن كان باقيه حراً صحت الكتابة لأنها استغرقت الرقيق منه فإن كاتب جميعه والحالة هذه بطلت في الحر منه وفي الباقي قولا تفريق الصفقة وكذا لو كان يعتقد الرق في جميعه فبان بعضه حراً فإن قلنا تفسد لم يعتق حتى يؤدي جميع المسمى لتتحقق الصفة فإذا عتق استرد من السيد ما أدى وللسيد قسط القدر الذي كاتبه من القيمة وإن قلنا يصح فهل يستحق جميع المسمى أم قسط الرقيق من القيمة قولان كالبيع إذا أجازه في المملوك أما إذا كاتب بعض عبد وباقيه رقيق فللرقيق حالان أحدهما أن يكون له أيضاً فلا تصح كتابته على المذهب والمنصوص وبه قطع الجمهور فإن صححنا وكان بينه وبين السيد مهايأة وكسب النجوم في نوبته فأداها عتق القدر الذي كاتبه وسرى إلى الباقي وإن لم تكن مهايأة فكسبه بينهما فإن كسب ما يفي بقسط السيد والنجوم عتق وإن لم يكسب إلا قدر النجوم ففي العتق خلاف سنذكر نظيره إن شاء الله تعالى وإن لم نصححها فهي كتابة فاسدة فإن أدى المال قبل أن يفسخها السيد عتق والسراية كما ذكرنا ثم يرجع المكاتب على السيد بما أدى ويرجع السيد عليه بقسط القدر المكاتب من القيمة ولا يرجع بقسط ما سرى العتق إليه لأنه لم يعتق بحكم الكتابة. الحال الثاني أن يكون الباقي لغيره فإذا كاتب أحد الشريكين نصيبه إن كان بإذن الآخر فقولان أظهرهما لا يصح لأن الشريك الآخر يمنعه من التردد والمسافرة ولا يمكن أن يصرف إليه سهم المكاتبين من الزكاة والثاني يصح كما يصح إعتاق بعضه وإن كاتبه بغير إذن الآخر لم يصح على المذهب وقيل بطرد الخلاف فإن أفسدنا كتابة الشريك فللسيد إبطالها فإن لم يفعل ودفع العبد إلى الذي لم يكاتبه بعض كسبه وإلى الذي كاتب بعضه بحسب الملك حتى أدى مال الكتابة عتق ويقوم نصيب الشريك على الذي كاتب بشرط يساره ويرجع العبد عليه بما دفع ويرجع هو على العبد بقسط القدر الذي كاتبه من القيمة وإن دفع جميع ما كسبه إلى الذي كاتبه حتى تم قدر النجوم فوجهان ونقلهما الصيدلاني قولين أحدهما يعتق لأن العتق في الكتابة الفاسدة يتعلق بحصول الصفة وقد حصلت وأصحهما لا يعتق لأن المعاوضة تقتضي إعطاء ما تملكه لينتفع به المدفوع إليه وأجري الخلاف فيما لو قال إن أعطيتني عبداً فأنت حر فأعطاه عبداً مغصوباً هل يحصل العتق فإن قلنا لا يعتق فللذي لم يكاتب أن يأخذ نصيبه مما أخذه الذي كاتب ثم أن أدى العبد تمام النجوم من حصته من الكسب عتق وإلا فلا وإن قلنا يعتق فيأخذ نصيبه أيضاً والتراجع بين الذي كاتب والعبد وسراية العتق على ما سبق وإن صححنا كتابة الشريك فدفع العبد من كسبه إلى الذي كاتبه حصته أو جرت بينه وبين الذي لم يكاتبه مهايأة فدفع ما كسبه في نوبة نفسه إلى الذي كاتبه حتى تمت النجوم عتق وقوم عليه نصيب الشريك إن كان موسراً وكذا لو أبرأه عن النجوم أو أعتقه وإن دفع إليه كل كسبه حتى تم قدر النجوم فقيل في حصول العتق وجهان أو قولان كما ذكرنا تفريعاً على الفساد والمذهب القطع بالمنع لأن الكتابة إذا صحت غلب فيها حكم العارضات وفي العارضات تسلم غير المملوك كعدمه وأما الفاسدة فالمغلب فيها حكم الصفة. فرع أذن الشريك في كتابة نصيبه فله أن يرجع عن الإذن فإن لم يعلم الشريك برجوعه حتى كاتب فعلى الخلاف في تصرف الوكيل بعد العزل وقبل العلم به ولو كاتب نصيبه بإذن الشريك وجوزناه فأراد الآخر كتابة نصيبه هل يحتاج إلى إذن الأول وجهان. فرع كاتب أحدهما نصيبه وقال للآخر كاتبته بإذنك فأنكر فإن قال مع ذلك قد أدى المال عتق بإقراره وقوم عليه نصيب الشريك إن كان موسراً وإن لم يقر بالأداء فالقول قول المنكر بيمينه فإن حلف بطلت الكتابة وإن نكل حلف الذي كاتب فإن نكل حلف العبد هكذا حكاه ابن كج عن ابن القطان قال وعنده ينبغي أن يكون هذا التداعي بين الشريك والمكاتب فإذا ادعى المكاتب الإذن وأنكر الشريك صدق فإن نكل حلف المكاتب وثبتت الكتابة. إذا كاتب الشريكان العبد معاً أو وكلا من كاتبه أو وكل أحدهما الآخر فكاتبه صحت الكتابة قطعاً إن اتفقت النجوم جنساً وأجلاً وعدداً وجعلاً حصة كل واحد من النجوم بحسب اشتراكهم في العبد أو أطلقا فإنها تقسم كذلك وإن اختلفت النجوم في الجنس أو قدر الأجل أو العدد أو شرط التساوي في النجوم مع التساوي في الملك أو بالعكس ففي صحة كتابتهما القولان فيما إذا انفرد أحدهما بكتابة نصيبه بإذن الآخر وقيل تبطل قطعاً فلا يشترط استواء ملك الشريكين في الذي تكاتباً فيه وقيل يشترط وليس بشيء. فرع من بعضه رقيق لا يجوز صرف الزكاة إليه للقدر المكاتب منه على الصحيح أو المشهور وحكي وجه وقول ومال الروياني إلى تفصيل حسن وهو أنه إن لم يكن بينهما مهايأة لا يجوز وإلا فيجوز في اليوم نفسه. فرع إذا كاتباه ثم عجز فعجزه أحدهما وفسخ الكتابة وأراد الآخر إنظاره وإبقاء الكتابة فالمذهب أنه كابتداء الكتابة فلا يجوز بغير إذن الشريك على المذهب ولا بإذنه على الأظهر ومنهم من قطع بالجواز بالإذن لأن الدوام أقوى من الابتداء وهل يكون التوافق على ابتداء الكتابة إذناً في ابقائها وجهان أحدهما نعم لأنهما إذا توافقا فقد رضيا بأحكامها ومن أحكامها جواز الإنظار عن العجز وأصحهما المنع وجعل الإرقاق ناقضاً لما جرى به الإذن ولو كاتب رجل عبده ومات عن ابنين وعجز المكاتب فأرقه أحدهما وأراد الآخر إنظاره ففيه الطريقان وأولى بالإبقاء لأنها صدرت أولا من واحد فيصير كأنه كاتب بعض عبده.
فأما التي لا تصح فتنقسم إلى باطلة وفاسدة. أما الباطلة فهي التي اختل بعض أركانها بأن كان السيد صبياً أو مجنوناً أو مكرهاً على الكتابة أو كان العبد كذلك أو كاتب ولي الصبي والمجنون عبدهما أو لم يجر ذكر عوض أو ذكر ما لا يقصد ولا مالية فيه كالحشرات والدم أو اختلت الصيغة بأن فقد الإيجاب أو القبول أو لم يوافق أحدهما الآخر. وأما الفاسدة فهي التي اختلت صحتها لشرط فاسد في العوض بأن ذكر خمراً أو خنزيراً أو مجهولا أو لم يؤجله أو لم ينجمه أو كاتب بعض العبد وضبطها الإمام فقال إذا صدرت الكتابة إيجاباً وقبولا ممن تصح عبارته وظهر اشتمالها المالية لكنها لم تجمع شرائط الصحة فهي الكتابة الفاسدة وجعل الصيدلاني الكتابة على دم أو ميتة كتابة فاسدة كالكتابة على خمر. إذا عرف هذا فالكتابة الباطلة لاغية إلا أنه إذا صرح بالتعليق وهو ممن يصح تعليقه ثبت حكم التعليق. وأما الفاسدة فإنها تشارك الصحيحة في بعض الأحكام كما سنذكره على الأثر إن شاء الله تعالى بخلاف البيع وغيره من العقود لا يفرق بين فاسدها وصحيحها لأن مقصود الكتابة العتق وهو لا يبطل بالتعليق على فاسد قال الأصحاب تعليق العتق بالصفة ثلاثة أقسام أحدها التعليق الخالي عن المعاوضة كقوله إن دخلت الدار أو كلمت فلانا فأنت حر ومن هذا إن أديت إلي كذا فأنت حر فإن المال ليس مذكوراً على سبيل المعاوضة فهذا القسم لازم من الجانبين فليس للسيد ولا للعبد ولا لهما رفعه بالقول ويبطل بموت السيد وإذا وجدت الصفة في حياة السيد عتق وكسبه قبل وجود الصفة للسيد ولو أبرأه في صورة التعليق بأداء المال عن المال لم يعتق ولا تراجع بين السيد وبينه. القسم الثاني التعليق في عقد يغلب فيه معنى المعاوضة وهو الكتابة الصحيحة وستأتي أحكامها إن شاء الله تعالى. الثالث التعليق في عقد فيه معنى المعاوضة ويغلب فيه معنى التعليق وهو الكتابة الفاسدة وهي كالصحيحة في أحكام أحدها أنه إذا أدى العبد المسمى عتق بموجب التعليق ولا يعتق بإبراء السيد ولا بأداء الغير عنه تبرعاً لأن الصفة لا تحصل بهما ولو اعتاض عن المسمى لم يعتق أيضاً. الثاني أنه يستقل بالاكتساب فيتردد ويتصرف فيؤدي المسمى ويعتق وإذا أدى فما فضل من الكسب فهو له لأن الفاسدة كالصحيحة في حصول العتق بالأداء فكذلك في الكسب وولد المكاتب من جارية ككسبه لكن لا يجوز له بيعه لأنه مكاتب عليه فإذا عتق تبعه وعتق عليه وهل يتبع المكاتبة كتابة فاسدة ولدها طريقان المذهب نعم كالكسب والثاني قولان كما سبق في باب التدبير في ولد المعلق عتقها بصفة. الثالث ذكر الإمام والغزالي أنه إذا استقل سقطت نفقته عن السيد وان معاملته كالمكاتب كتابة صحيحة والذي ذكره البغوي أنه لا تجوز معاملته مع السيد ولا ينفذ تصرفه فيما في يده كما في المعلق عتقه بصفة ولعل هذا أقوى. فرع المكاتب كتابة صحيحة هل له السفر بغير إذن السيد فيه نصان فقيل قولان أظهرهما الجواز وقيل نص الجواز محمول على سفر قصير والمنع على طويل وقيل الجواز إذا لم يحل النجم والمنع إذا حل فإن جوزناه فهل يجوز للمكاتب كتابة فاسدة وجهان أصحهما لا. فرع تفارق الفاسدة الصحيحة في أمور أحدها إذا أدى المسمى في الفاسدة وعتق رجع على السيد بما أدى ورجع السيد عليه بقيمته يوم العتق وفي قول ضعيف يرجع بقيمة يوم العقد فإن هلك المسمى في يد السيد رجع العتيق بثلثه أو قيمته فإن كان الواجب على السيد من جنس القيمة بأن كان غالب نقد البلد فهو على أقوال التقاص وسنذكرها إن شاء الله تعالى وإذا حصل التقاص وفضل لأحدهما شيء رجع به وإنما يثبت التراجع إذا كان المسمى مالا فإن كان خمراً أو نحوه لم يرجع العتيق على السيد بشيء ويرجع السيد عليه بالقيمة. الثاني للسيد فسخ الكتابة الفاسدة بخلاف الصحيحة ثم إن شاء فسخ بنفسه وإن شاء رفع الأمر إلى القاضي ليحكم بإبطالها أو يفسخها قال الروياني وهو كما لو وجد المشتري المبيع معيباً له أن يفسخ بنفسه وله أن يرفع الأمر إلى القاضي ليفسخ ولا يبطلها القاضي بغير طلب السيد وقال ابن سلمة لا سبيل إلى إبطال الفاسدة بالقول لأن العتق فيها يحصل بالتعليق والتعليق لا يصح إبطاله والصحيح الأول فإذا فسخها أو حكم الحاكم بإبطالها ثم أدى المسمى لم يعتق لأنه إن كان تعليقاً فهو في ضمن معاوضته فإذا ارتفعت المعاوضة ارتفع ما تضمنته من التعليق وليشهد السيد على الفسخ فإن أدى المسمى وقال أديته قبل الفسخ وقال السيد بل بعده صدق العبد لأن الأصل عدم الفسخ وعلى السيد البينة. الثالث إذا أعتق المكاتب كتابة فاسدة لا عن جهة الكتابة أو باعه أو وهبه كان فسخاً للكتابة ولو أعتقه عن كفارة أجزأه نص عليه في الأم قال الشيخ أبو علي إذا عتق لا عن جهة الكتابة لا يتبعه الكسب والولد بخلاف الكتابة الصحيحة لأن المكاتب هناك استحق العتق على السيد بعقد لازم واستحق استتباع الولد والكسب فليس للسيد إبطاله وهناك لا استحقاق على السيد فجعل فاسخاً قال وعرضت هذا على القفال فاستحسنه وأقرني عليه ولم ير غيره وحكى الإمام وجهاً أنه لا يجزئ عن الكفارة ولا يتبعه الولد والكسب والصحيح الأول. الرابع تبطل الكتابة الفاسدة بموت السيد ولا يعتق بالأداء إلى الوارث بعد الموت بخلاف الصحيحة فإن قال إن أديت إلى وارثي كذا بعد موتي فأنت حر عتق بالأداء إليه. الخامس لا يجب الإيتاء في الفاسدة. السادس لو كاتب أمة كتابة فاسدة وعجزت عن الأداء فأرقها أو فسخ الكتابة قبل عجزها لم السابع لو عجل النجوم في الكتابة الفاسدة فهل يعتق كالصحيحة أم لا لأن الصفة لم توجد على وجهها وجهان. قلت أصحهما الثاني والله أعلم. الثامن من يلزم السيد فطرة المكاتب كتابة فاسدة. التاسع هل يصرف سهم المكاتبين إلى المكاتب كتابة فاسدة وجهان الأصح المنصوص المنع. العاشر المسافرة ممنوعة في الفاسدة على المذهب جائزة في الصحيحة على المذهب كما سبق وبالله التوفيق.
هي خمسة: الحكم الأول حصول العتق ويتعلق بما يحصل به العتق مسائل: إحداها أنه يحصل بأداء كل النجوم وكذا بالإبراء وفي حصوله بالاستبدال عن النجوم خلاف سنذكره إن شاء الله تعالى وإذا جوزنا الحوالة بالنجوم أو عليها حصل العتق بنفس الحوالة ولو أدى بعض النجوم أو أبرأه عن بعضها لم يعتق شيء منه بل يتوقف على الجميع للحديث الحسن " المكاتب عبد ما بقي عليه درهم " ولو كاتب عبيداً صفقة واحدة فقد سبق أن المذهب صحتها وأنه إذا أدى بعضهم حصته عتق وإن لم يؤد الآخرون شيئاً ولو كاتب اثنان عبدهما معاً فليسو بينهما في الأداء ولا يعتق نصيب أحدهما بأداء نصيب أحدهما بأداج نصيبه من النجوم كما سيأتي إن شاء الله تعالى ولو كاتب إنسان عبداً ومات وخلف ابنين فأدى نصيب أحدهما بغير إذن الآخر لم يعتق وإن أدى بإذنه ففي عتقه خلاف سنذكره إن شاء الله تعالى. الثانية لا تنفسخ الكتابة بجنون السيد ولا العبد ولا بإغمائهما فإن جن السيد فعلى المكاتب تسليم النجوم إلى وليه فإن سلم إليه لم يعتق لأن قبضه فاسد ولو تلف في يده فلا ضمان لتقصيره بالتسليم إليه ثم إن لم يكن في يد المكاتب شيء آخر يؤديه فللولي تعجيزه ولو حجر عليه بالسفه فهو كالجنون فلو أدى المكاتب إليه في حال الحجر وعجزه الولي ثم رفع الحجر عنه استمر التعجيز وقيل فيه قولان كما سبق في المرتد إذا أخذ النجوم وعجز الحاكم المكاتب ثم أسلم المرتد والمذهب الأول لأن حجر السفة أقوى ولهذا لا ينفذ تصرفه قطعاً بخلاف المرتد في قول ولأن حجر السفه لحفظ ماله فلو حسب عليه ما أخذه وأتلفه في حال الحجر لم يحصل حفظ المال وحجر المرتد لحق المسلمين فإذا أسلم لم يبق لهم في ماله حق وأما إذا جن المكاتب فأدى في جنونه أو أخذه السيد من غير أداء منه فيعتق لأن قبض النجوم مستحق ولو أخذها المولى من غير إقباض من المكاتب وقع موقعه هذا المعروف في المذهب وقال الإمام إن عسر وصول السيد إلى حقه إلا من جهة قبض ما يصادف فله ذلك وإن أمكن مراجعة الولي فلا وجه لاستبداده بالقبض فلو استبد لم يصح وإذا لم يصح فلو أقبض المجنون لم يكن لإقباضه حكم وحكى قولا أو وجها أن الكتابة تنفسخ بجنون المكاتب والمذهب الأول هذا في الكتابة الصحيحة أما الفاسدة فهل تبطل بجنونهما وإغمائهما فيه أوجه أحدهما نعم كالشركة والثاني لا كالبيع بشرط الخيار وأصحها عند الجمهور وهو ظاهر النص تبطل بجنون السيد وإغمائه وبالحجر عليه لا بجنون العبد وإغمائه لأن الحظ في الكتابة للعبد لا للسيد فإن قلنا لا تبطل فأفاق وأدى المسمى عتق وثبت التراجع قالوا وكذا لو أخذ السيد في جنونه وقالوا ينصب السيد من يرجع له وينبغي أن لا يعتق بأخذ السيد هنا وإن قلنا يعتق في الكتابة الصحيحة لأن المغلب هنا التعليق والصفة المعلق عليها بالأداء من العبد فلم يوجد وإن قلنا يبطل فأدى المسمى لم يعتق على الأصح لأن العتق بالتعليق في الفاسدة يتبعها فإذا بطلت بطل التعليق كما لو فسخها السيد والثاني يعتق فعلى هذا قال الإمام الوجه القطع بأن لا تراجع لأن التراجع مقتضى الكتابة الفاسدة وقد زالت وبقي التعليق المحض وقيل يثبت قال ومساقه أن يتبعه الكسب وهذا ضعيف. الثالثة إذا كاتب الشريكان معاً ثم أعتق أحدهما نصيبه عتق وهل يسري إلى نصيب الشريك إن كان موسراً وجهان أو قولان الصحيح المشهور يسري وفي وقت السراية قولان أحدهما في الحال لئلا تتبعض الحرية وأظهرهما لا يثبت في الحال لأنه قد انعقد سبب الحرية في النصف الآخر وفي التعجيل ضرر على السيد لفوات الولاء وبالمكاتب بانقطاع الولد والكسب عنه فإن قلنا تتعجل السراية فهل تنفسخ الكتابة في نصيب الشريك أم يسري العتق مع بقاء الكتابة وجهان الصحيح وبه قطع الجمهور تنفسخ لأن الإعتاق أقوى من الكتابة فعلى هذا يعتق كله على الشريك للمعتق ويكون له الولاء والثاني يسري العتق مع بقاء الكتابة لئلا يبطل حق الغير فعلى هذا ولاء النصف الآخر للشريك لا للمعتق حينئذ وإن قلنا لا تتعجل السراية فأدى نصيب الآخر من النجوم عتق عن الكتابة وكان الولاء بينهما وإن عجز وعاد إلى الرق ثبتت السراية حينئذ ويكون الولاء كله للمعتق ويجيء الخلاف في أنها ثبتت بنفس العجز أم بأداء القيمة أم يثبت بأداء القيمة حصول التعليق من وقت العجز ويجري هذا الخلاف على قولنا بتعجيل السراية وإن مات قبل الأداء والعجز فقد مات بعضه رقيقاً وبعضه حراً وهل يورث فيه القولان السابقان في الفرائض ولو أبرأه أحد الشريكين عن نصيبه من النجوم فهو كما لو أعتقه والقول في السراية وفي وقتها كما ذكرنا لو أعتق أحدهما نصيبه ولو قبض أحدهما نصيبه من النجوم برضى صاحبه فهل يعتق نصيبه فيه خلاف سنذكره في الحكم الثاني إن شاء الله تعالى فإن قلنا يعتق فهو كالإعتاق في السراية ووقتها قال الإمام ولا نقول إنه مجبر على القبض فلا يسري لأنه مختار في إنشاء الكتابة التي اقتضت إجباره على القبض فهو كما لو قال أحد الشريكين إذا طلعت الشمس فنصيبي حر فإذا طلعت عتق نصيبه وسرى لأنه مختار في التعليق ولو كاتب عبداً ومات عن ابنين فعتق أحدهما نصيبه وقلنا يعتق نصيبه على ما سيأتي إن شاء الله تعالى لم يسر لأنه مجبر على القبض وابتداء الكتابة لم يصدر منه. فرع قال العبد لمالكيه وقد كاتباه قد أعطيتكما النجوم وأنكرا صدقا باليمين وإن صدقه أحدهما وكذبه الآخر عتق نصيب المصدق ويصدق المكذب بيمينه وهل يسري العتق فيه خلاف سنذكره قريباً إن شاء الله تعالى والمذهب المنع والاختلاف في غير النجم الأخير كالاختلاف فيه لأن العتق لا يحصل بغير الأخير ولو قال المكاتب لأحدهما دفعت إليك جميع النجوم لتأخذ نصيبك وتدفع نصيب الآخر إليه فقال دفعت إلي نصيبي ودفعت نصيب الآخر إليه بنفسك وأنكر الآخر القبض عتق نصيب المقر وصدق في أنه لم يقبض نصيب الآخر بيمينه وصدق الآخر في أنه لم يقبض نصيبه ولا حاجة إلى اليمين لأن المكاتب لا يدعي عليه شيئاً ثم يتخير المنكر بين أن يأخذ حصته من النجوم من العبد وبين أن يأخذ من المقر نصف ما أخذ لأن كسب المكاتب متعلق حقهما بالشركة ويأخذ الباقي من العبد ولا تقبل شهادة المقر عليه لأنه متهم بدفع المشاركة عنه وإذا عجز المكاتب عما طالب المنكر به فله تعجيزه وإرقاق نصيبه ثم عن نصه في الاملاء أنه يقوم ما أرقه على المقر ونقله ابن سلمة وابن خيران إلى الصورة السابقة وجعلوا التقويم عند العجز في الصورتين على قولين وامتنع الجمهور من نقله إلى تلك الصورة وفرقوا بأن العبد هناك يقول أنا حر كامل الحال فلا يستحق التقويم وهنا يعترف بأن نصيب المنكر منه لم يعتق ولو قال المكاتب لأحدهما دفعت النجوم إليك لتأخذ نصيبك وتدفع نصيب الآخر إليه كما صورنا فقال في الجواب قد فعلت ما أمرت به فأنت عتيق وأنكر الآخر عتق نصيب المقر وصدق المنكر بيمينه فإذا حلف بقي نصيبه مكاتباً وله الخيار بين أخذ حصته من المكاتب وبين أخذه من المقر لإقراره بأخذها ومن أيهما أخذ عتق نصيبه ثم إن أخذها من المكاتب فله الرجوع على المقر لأنه وإن صدقه في الدفع إلى الشريك فإنه كان ينبغي أن يشهد عليه وإن أخذها من المقر فلا رجوع له على المكاتب لاعترافه بأنه مظلوم فإذا اختار الرجوع على المكاتب فلم يأخذ حصته من المقر ولم يدفعها إلى المنكر وعجز نفسه فنصفه حر ونصفه رقيق فيقوم على المقر فيأخذ المنكر منه قيمة النصف ويأخذ أيضاً ما أقر بقبضه له فإنه كسب النصف الذي كان ملكه. الرابعة كاتب عبداً ومات عن ابنين فهما قائمان مقامه في أنهما إذا أعتقاه أو أبرآه عن النجوم عتق وكذا لو استوفياها ولو أعتقه أحدهما أو أعتق نصيبه عتق نصيبه وكذا لو أبرأه أحدهما عن نصيبه من النجوم وقال المزني لا يعتق نصيبه بالإبراء حتى يبرئه الآخر أو يستوفي منه كما لو كان الأب حياً فأبرأه عن بعض النجوم وأجاب الأصحاب بأن هناك لم يبرئه عن جميع ماله عليه وهنا أبرأه الابن عن جميع ماله عليه فصار كأحد الشريكين يبرئه عن نصيبه من النجوم وهذا الذي ذكرنا من أنه إذا أعتق الابن نصيبه أو أبرأه عن نصيبه يعتق وهو الذي قطع به الأصحاب وقال البغوي مقتضى سياق المختصر حصول قولين في عتق نصيبه أحدهما العتق وأظهرهما المنع بل يوقف فإن أدى نصيب الآخر عتق كله والولاء للأب وإن عجز فإن كان قد أعتق نصيبه عتق الآن نصيبه ثم إن كان معسراً فله ولاء ما عتق والباقي قن للآخر وإن كان موسراً قوم عليه الباقي وبطلت كتابة الأب وكان ولاء الجميع للابن وإن كان قد أبرأه عن نصيبه من النجوم لم يعتق منه شيء بالعجز لأن الكتابة تبطل بالعجز والعتق في غير الكتابة لا يحصل بالإبراء والمذهب ما قدمناه عن الأصحاب فعلى هذا إن كان الذي أعتق نصيبه أو أبرأه معسراً بقيت الكتابة في نصيب الآخر فإن عجز عاد قناً وإن أدى وعتق فولاؤه للأب وأما ولاء نصيب الأول فالأصح أنه للأب أيضاً وقيل للابن وقيل إن أعتقه فله وإن أبرأه فللأب وإن كان موسراً فهل يسري العتق إلى نصيب الشريك إذا قلنا بالأصح لأن الكتابة لا تمنع السراية فيه قولان أحدهما نعم كما لو كاتبه شريكان ثم أعتقه أحدهما وأظهرهما لا لأن الكتابة السابقة تقتضي حصول العتق بها والميت لا يقوم عليه والابن كالنائب عنه فإن قلنا يسري فهل يسري في الحال أو عند العجز قولان كما سبق في الشريكين أظهرهما الثاني فإن قلنا يسري في الحال فحكى الإمام وجهين في انفساخ الكتابة فيما سرى العتق إليه كما حكاهما في صورة الشريكين والذي قطع به الجمهور الانفساخ فيه وإثبات ولائه للمعتق وفي ولاء النصف الأول وجهان أحدهما للمعتق فقط لأن نصيب الآخر بقي رقيقاً وأصحهما أنه لهما لأنه عتق بحكم كتابة الأب فيثبت له الولاء وينتقل إليهما بالعصوبة وإذا قلنا لا تنفسخ الكتابة فيما سرى إليه فولاء الجميع للأب وإن قلنا إن السراية تثبت عند العجز فإن أدى نصيب الآخر عتق كله وولاؤه للأب وإن عجز فطريقان أحدهما تبطل الكتابة ويكون ولاء الجميع له وأصحهما أن ولاء ما سرى العتق إليه وقوم عليه له وفي ولاء النصف الأول الوجهان وقد يختص الوجهان بصورة الإعتاق وفي صورة الإبراء يكون ولاء النصف للأب ينتقل إليهما قطعاً أما إذا قلنا لا سراية فنصيب الآخر مكاتب كما كان فإن عتق بأداء أو إعتاق أو إبراء فولاء الجميع للأب وإن عجز بقي نصيبه رقيقاً وفي ولاء نصيب الأول الوجهان هل هو له أم لهما ولو قبض أحد الابنين نصيبه من النجوم إن كان بغير إذن الآخر فهو فاسد وإن كان بإذنه فقولان كما سنذكره في الشريكين إن شاء الله تعالى فإن صححنا فقال الإمام لا سراية بلا خلاف لأنه يجبر على القبض ولا سراية حيث حصل العتق بغير اختيار وفي التهذيب أن القول في عتق نصيبه وفي السراية كما ذكرنا فيما إذا أعتق نصيبه أو أبرأ عن نصيبه من النجوم بلا فرق ولمن قال بهذا أن يمنع كونه مجبرا على القبض ويقول له الإعتاق والإبراء فإن لم يفعلهما فيشبه أن يقال لا يجبر على الانفراد بالقبض وإن جوزناه لأنه لو عجز عن نصيب الثاني قاسم الأول فيما أخذ فله الامتناع من قبض ما عسى الثاني أن يزاحمه فيه. فرع خلف ابنين وعبداً فادعى العبد أن أباهما كاتبه فإن كذباه صدقا بيمينهما على نفي العلم بكتابة الأب فإن حلفا فذاك وإن نكلا وحلف العبد اليمين المردودة ثبتت الكتابة وإن حلف أحدهما دون الآخر ثبت الرق في نصيب الحالف وترد اليمين في نصيب الناكل فإن أقام بينة اشترط رجلان لأن المقصود الحرية لا المال وإن صدقاه أو قامت بينة فالحكم ما سبق قبل الفرع وإن صدقه أحدهما وكذبه الآخر فالمكذب يصدق بيمينه وأما نصيب المصدق فالصحيح ثبوت الكتابة فيه ولا يضر التبعيض فيه للضرورة ثم أطلقوا القول بقبول شهادة المصدق على المكذب وقال الإمام شهادته هذه تثبت له حقوقاً فإن النجوم موروثة فإن شهد بعد الإبراء من النجوم فله غرض في السراية فإن نفينا السراية اتجه القبول وإذا حكمنا بأن نصيب المصدق مكاتب والآخر قن فنصف الكسب له يصرف في جهة النجوم ونصفه للمكذب وإن اتفقا على مهايأة ليكسب يوماً لنفسه ويوماً للمكذب أو يخدمه جاز ولا إجبار عليها على الأصح ولا تقدير في النوبتين في المهايأة وقال ابن كج يجوز يومين وثلاثة فإن كسبه فوجهان وإذا أدى النجوم وفضل شيء مما كسب لنفسه فهو له ثم إن أعتق المصدق نصيب نفسه عتق وفي سرايته طريقان قال الأكثرون قولان كما لو صدقاه إلا أنا إذا قلنا بالسراية ثبت هنا في الحال ولا يجيء القول الآخر لأن صاحبه منكر الكتابة فلا يمكن التوقف إلى العجز وقيل تثبت السراية في الحال قطعاً لأن منكر الكتابة يقول هو رقيق لهما فإذا أعتق صاحبه ثبتت السراية فإن قلنا لا سراية فولاء ما عتق هل يكون بينهما أم ينفرد به المصدق وجهان أصحهما الثاني لأن المنكر أبطل حقه بالإنكار فإن جعلناه بينهما فمات هذا العبد ونصفه رقيق وقلنا إن مثله يورث وقفت حصة المنكر وإن قلنا بالسراية فولاء النصف الذي سرى العتق إليه للمعتق وفي ولاء النصف الآخر الوجهان ولو أبرأه المصدق عن نصيبه من النجوم فالمذهب أنه لا سراية لأن منكر الكتابة لا يعترف بعتق نريبه ويعتقد الإبراء لغواً قال الإمام ويجيء الخلاف في السراية لأن قول المصدق مقبول في نصيبه فإذا أتى بما يقتضي العتق فالسراية بعده قهرية وإن أدى نصيب المصدق من جلنجوم فلا سراية وهل يكون ولاء ما عتق لهما أم يختص به المصدق فيه الوجهان ولو عجزه المصدق عاد قناً ويكون الكسب الذي في يده للمصدق لأن المكذب أخذ حصته ولو اختلفا في شيء من أكسابه فقال المصدق كسبته بعد الكتابة وقد أخذت نصيبك فهو لي وقال المكذب بل قبلها وكان للأب فورثنا صدق المصدق لأن الأصل عدم الكسب قبل الكتابة. المسألة الخامسة إذا قبض النجوم فوجدها ناقصة تقدم على هذا أن عوض الكتابة لا يكون إلا ديناً كما سبق ويجوز كونه نقداً وعرضاً موصوفاً وأن من له دين فقبضه فوجده دون المشروط فله رده وطلب ما استحقه ولا يبطل العقد فإن كان المقبوض من غير جنس حقه لم يملكه إلا أن يعتاضه حيث يجوز الاعتياض وإن اطلع على عيب به نظر هل يرضى به فإن رضي فهل نقول ملكه بالرضى أم نقول ملكه بالقبض وتأكد الملك بالرضى فيه قولان وإن رده فهل نقول ملكه بالقبض ثم انتقض الملك بالرد أم نقول إذا رد تبين أنه لا يملكه فيه قولان ويبنى على هذا الخلاف مسائل سبقت كلها أو بعضها. منها تصارفا في الذمة وتقابضا وتفرقا فوجد أحدهما بما قبضه عيباً فرده إن قلنا ملك بالقبض صح العقد وإن قلنا تبين أنه لم يملك فالعقد فاسد لأنهما تفرقا قبل قبض. ومنها أسلم في جارية وقبض جارية فوجدها معيبة فردها هل على المسلم إليه استبراؤها يبنى على هذا الخلاف. ومنها قال الإمام الموصوف في الذمة إذا قبضه فوجده معيباً إن قلنا يملكه بالرضى فلا شك أن الرد ليس على الفور والملك موقوف على الرضى وإن قلنا يملك بالقبض فيحتمل أن يقال الرد على الفور كما في شراء الأعيان والأوجه المنع لأنه ليس بمعقود عليه وإنما يثبت الفور فيما يؤدي رده إلى رفع العقد إبقاء للعقد إذا ثبت هذا فإن وجد السيد بالنجوم المقبوضة أو بعضها عيباً له الخيار بين أن يرضى به أو يرده ويطالب ببدله سواء العيب اليسير والفاحش فإن كان العيب في النجم الأخير فإن رضي به فالعتق نافذ قطعاً ويكون رضاه بالعيب كالإبراء عن بعض الحق وهل يحصل العتق من وقت القبض أم عند الرضى وجهان أصحهما الأول وإن أراد الرد والاستبدال فرد وإن قلنا نتبين بالرد أن الملك لم يحصل بالقبض فلا عتق وإن أدى بعد ذلك على الصفة المستحقة حصل العتق حينئذ وإن قلنا يحصل الملك في المقبوض وبالرد يرتفع فوجهان أحدهما أن العتق كان حاصلا إلا أنه كان بصفة الجواز فإذا رد العوض ارتد وأصحهما نتبين أن العتق لم يحصل إذ لو حصل لم يرتفع ولا يثبت العتق هنا بصفة اللزوم باتفاق الأصحاب ولو تلف عند السيد ما قبضه ثم عرف أنه كان معيباً فقد قدم الإمام عليه أنه لو اتفق ذلك في عين فإن رضي فالذي يدل عليه فحوى كلام الأصحاب أن الرضى كاف ولا حاجة إلى إنشاء إبراء لأن الأرش كالعوض فق الرد والرد يكفي في سقوط الرضى فكذا الأرش وإن طلبه تقرر ولم يسقط إلا بالإسقاط وأما النجوم فإن رضي فالحق نافذ ويعود الوجهان في أنه يحصل عند الرضى أم يستند إلى القبض وإن طلب الأرش تبين أن العتق لم يحصل فإذا أدى الأرش حصل حينئذ وإن عجز فللسيد إرقاقه كما لو عجز ببعض النجوم ويجيء الوجه الآخر وهو أنه يرتفع العقد بعد حصوله وفي قدر الأرش وجهان أحدهما ما نقص من قيمة قدر رقبة العبد بحسب نقصان العيب من قيمة النجوم وبهذا قطع السرخسي والثاني ما نقص من النجوم المقبوضة بسبب العيب ونقل الروياني ترجيح هذا الوجه وأجري الوجهان في كل عقد ورد على موصوف في الذمة قال الإمام وأمثل منهما أن يقال يغرم السيد ما قبض ويطالبه بالمسمى بصفاته المشروطة أما إذا قبض النجوم فوجدها ناقصة الكيل أو الوزن فلا يعتق بلا خلاف سواء بقي المقبوض في يد السيد أم تلف فإن رضي بالناقص فحينئذ يعتق بالإبراء عن الباقي. السادسة إذا خرج بعض النجوم مستحقا تبين أن لا عتق لأن الأداء لم يصح وإن ظهر الاستحقاق بعد موت المكاتب تبين أنه مات رقيقاً وأن ما تركه للسيد دون الورثة ولو قال السيد عند الأخذ اذهب فأنت حر أو قد عتقت ثم بان الاستحقاق فهل يحكم بالحرية مؤاخذة له أم لا لأنه بناه على ظاهر الحال وهو صحة الأداء وجهان أصحهما الثاني وهو المنصوص وهما كالوجهين فيما إذا خرج المبيع مستحقاً وكان قد قال في مخاصمة المدعي إنه كان ملكاً للبائع فلان إلى أن اشتريته منه أنه هل يرجع بالثمن على بائعه وجزم البغوي بالأصح في المسألتين ثم قال ولو اختلفا فقال المكاتب أعتقتني بقولك أنت حر وقال السيد أردت أنك حر بما أديت وبان أنه لم يصح الأداء فالقول قول السيد بيمينه وهذا السياق يقتضي أن مطلق قول السيد محمول على أنه حر بما أدى وإن لم يذكر إرادته قال الصيدلاني وقياس تصديق السيد أنه لو قيل لرجل طلقت امرأتك فقال نعم طلقتها ثم قال إنما قلت ذلك على ظن أن اللفظ الذي جرى طلاق وقد سألت المفتين فقالوا لا يقع به شيء وقالت المرأة بل أردت إنشاء الطلاق أو الإقرار به أنه يقبل قوله بيمينه وكذا الحكم في مثله في العتق وهكذا قد ذكره غيره ونقله الروياني ولم يعترض عليه لكن قال الإمام هذا عندي غلط لأن الإقرار جرى بصريح الطلاق فقبول قوله في دفعه محال ولو فتح هذا الباب لما استقر إقرار بخلاف إطلاق لفظ الحرية عقيب قبض النجوم فإنه محمول على الإخبار عما يقتضيه القبض ولم توجد الإشارة في الطلاق إلى واقعة وإنما وجد سؤال مطلق وجواب مطلق وفي كلام الإمام إشعار بأن قوله أنت حر إنما يقبل تنزيله على الحرية بموجب القبض إذا رتبه على القبض وإن في مسألة الطلاق لو وجد قرينة عند الإقرار بأن كانا يتخاصمان في لفظة أطلقها فقال ذلك ثم ذكر التأويل يقبل وأن في الصورتين لو انفصل قوله عن القرائن لم يقبل التأويل وهذا تفصيل قويم لا بأس بالأخذ به لكن قال في الوسيط لا فرق بين أن يكون قوله أنت حر جواباً عن سؤال حريته أم ابتداء وبين أن يكون متصلا بقبض النجوم أو غير متصل لشمول العذر ومال لذلك إلى قبول التأويل في الطلاق وغيره. الحكم الثاني في الأداء وفيما يتعلق به مسائل: إحداها يجب على السيد إيتاء المكاتب لقول الله تعالى " وآتوهم من مال الله الذي آتاكم " واختار الروياني في الحلية أن الإيتاء مستحب وليس بشيء والإيتاء أن يحط عن المكاتب شيئاً من النجوم أو يبذل شيئاً ويأخذ النجوم والحط أفضل وهل هو الأصل والبذل بدل عنه أم بالعكس وجهان الأصح المنصوص الأول ومحل الإيتاء الكتابة الصحيحة ولا يجب في الفاسدة على الأصح فإن أوجبنا كفى حط شيء من القيمة التي يجب فيها ومن أعتق عبده بعوض أو باعه نفسه فلا إيتاء على الصحيح وحكى الشيخ أبو محمد وجهاً أنه يجب في كل عقد عتاقة على عوض ولا يجب في الإعتاق بغير عوض بلا خلاف وفي وقت وجوب الإيتاء وجهان أحدهما بعد العتق كالمتعة ليتبلغ به وأصحهما قبله ليستعين به في الأداء وعلى هذا فإنما يتعين في النجم الأخير وأما وقت الجواز فمن أول عقد الكتابة ويجوز أيضاً بعد الأداء وحصول العتق لكن يكون قضاء إذا أوجبنا التقديم على العتق وقيل لا يجوز الإيتاء إلا في النجم الأخير أو بعده وفي قدره وجهان الأصح المنصوص في الأم لا يتقدر بل يكفي أقل ما يتمول والثاني أنه ما يليق بالحال ويستعين به على العتق فيختلف بقلة المال وكثرته فإن لم يتفقا على شيء قدره الحاكم بالاجتهاد ونظر فيه إلى قوة العبد وأكسابه وقيل يعتبر حال السيد في اليسار والإعسار وقال الاصطخري يحتمل أن يقدر بربع العشر قال الإمام إذا قلنا يقدره الحاكم فقدر شيئاً تبين أن له وقعاً بالنسبة إلى مال الكتابة كفى وإن تيقنا أنه لا وقع له لا يكفي وإن شككنا فخلاف لتعارض أصل براءة السيد وأصل بقاء وجوب الإيتاء أما المستحب فقدر الربع وقيل الثلث وإلا فالسبع وأما جنسه فالإيتاء بالحط لا يكون إلا من نفس مال الكتابة وأما البدل فإن كان المبذول من غير جنس مال الكتابة كبذل الدراهم عن الدنانير لم يلزم المكاتب قبوله على الصحيح وبه قطع الأكثرون وشذ الغزالي بترجيح اللزوم فلو رضي به جاز قطعاً نص عليه لأن الكتابة من قبيل المعاوضات فلا يسلك بها مسلك العبادات على أن الإمام قال إذا منعنا نقل الزكاة وانحصر المستحقون فقد نقول لهم أن يعتاضوا عروضاً عن حقوقهم فلو كان المبذول من غير مال الكتابة لكن من جنسه فهل يلزمه القبول وجهان أحدهما لا لظاهر الآية والصحيح نعم كالزكاة ولأن المقصود الإعانة. فرع لو مات السيد بعد أخذ النجوم وقبل الإيتاء لزم الورثة الإيتاء فإن كانوا صغاراً تولاه وليهم فإن كان مال الكتابة باقياً أخذ الواجب منه ولا يزاحمه أصحاب الديون لأن حقه في عينه أو هو كالمرهون به هكذا قاله القفال ونقله ابن كج عن نصه في المبسوط وإن لم يكن باقيا فثلاثة أوجه أحدها أن واجب الإيتاء لضعفه يؤخر عن الديون ويحصل في رتبة الوصية والثاني أنا إذا قلنا بقدر الواجب في الاجتهاد فأقل ما يتمول في رتبة الديون والزيادة في رتبة الوصية لضعفها والثالث وهو الصحيح أن ما يحكم بوجوبه على الاختلاف يقدم على الوصايا فإن أوصى بزيادة على الواجب فتلك الزيادة من الوصايا. إذا لم يبق من النجوم إلا القدر الواجب في الإيتاء لم يسقط ولم يحصل التقاص لأن للسيد أن يؤتيه من غيره وليس للسيد تعجيزه لأنه له عليه مثله لكن يرفع المكاتب إلى القاضي حتى يرى برأيه ويفصل الأمر بينهما وإن جعلنا الإيتاء أصلاً فقال القاضي حسين له تعجيزه بالباقي إذا لم نجده وإذا عجزه سقط الإيتاء وارتفع العقد من أصله قال الإمام هذا عندي غير صحيح وإنما شرع الإيتاء لئلا يعجز العبد بقدره ولا يفوت العتق. المسألة الثانية إذا عجل المكاتب النجوم قبل المحل فإن لم يكن على السيد ضرر في القبول أجبر عليه وإن كان بأن كان لا يبقى بحاله إلى وقت الحلول كالطعام الرطب أو لزمه له مؤنة كالحيوان وما يحتاج إلى حفظ أو كان في أيام فتنة أو غرة فلا يجبر على القبول فلو أنشأ العقد في وقت الفتنة والغارة لم يجبر على الأصح لأنها قد تزول عند المحل ولو أتى بالنجوم في غير بلد العقد فإن كان في النقل مؤنة أو كان الطريق أو ذلك البلد مخوفاً لم يجبر على القبول وإلا فيجبر ولو أتى بالنجم في محله والسيد غائب قبض القاضي عنه وكذا يقبض عنه إذا امتنع وهو حاضر ويعتق المكاتب ولو أتى بالنجم قبل الحول والسيد غائب قبض عنه أيضاً إذا علم أن السيد لا ضرر عليه في أخذه قال الصيدلاني ومثله لو كان للغائب دين على حر فأذن له الحاكم هل يقبضه للغائب وجهان أصحهما المنع لأنه ليس للمؤدي غرض إلا سقوط الدين عنه والنظر للغائب أن يبقى المال في ذمة المليء فإنه خير من أن يصير أمانة عند الحاكم. إذا أتى المكاتب بالنجوم فقال السيد هذا حرام أو مغصوب نظر إن أقام بينة بذلك لم يجبر على قبوله وتسمع منه هذه البينة لأن في إقامتها غرضاً ظاهراً وهو الامتناع عن الحرام هكذا أطلقه كثيرون وقال الصيدلاني إنما تقبل البينة إذا عين له مالكاً إما إذا لم يعين فلا تتصور البينة للمجهول ولا معنى لقولهم إنه مغصوب والصحيح الأول وإن لم يكن بينة فالقول قول المكاتب بيمينه أنه له لظاهر اليد فإن نكل حلف السيد وكان كإقامة البينة في وجه لا يحتاج السيد إلى بينة والصحيح الأول ولا تثبت بينة السيد في حق المالك الذي عينه ولا يسقط بحلف المكاتب حقه ثم إذا حلف المكاتب فالمذهب أنه يجبر السيد على قبوله أو إبرائه عن ذلك القدر فإن امتنع منهما أخذ الحاكم تلك النجوم وعتق المكاتب وقيل في إجباره على الأخذ قولان ثم إذا أخذه السيد نظر إن عين له مالكاً أمر بتسليمه إليه بلا خلاف مؤاخذة له باعترافه وإن لم يقبل قوله على المكاتب وإن لم يعين مالك بل اقتصر على قوله هو مغصوب أو مسروق أو حرام فوجهان أحدهما ينتزعه الحاكم ويحفظه ببيت المال إلى أن يظهر مالكه وأصحهما لا ينتزعه لأنه لم يقر لمعين ونقل الروياني وغيره على هذا أن يقال امسكه حتى يتبين صاحبه ويمنع من التصرف فيه فإن كذب نفسه فقال هو للمكاتب كان كما ادعاه قال الإمام فالصحيح أنه يقبل وينفذ تصرفه فيه بحسبه قال وإن قلنا يزيل الحاكم يده فالظاهر أنه لو كذب نفسه لا يقبل. إذا جاء المكاتب بالنجم عند المحل وعلى شرط السيد أن يبرئه فالشرط لغو وللسيد أخذه فلا يلزمه أن يبرئه عن الباقي وإن عجل قبل المحل على أن يبرئه عن الباقي فأخذه وأبرأه لم يصح القبض ولا الإبراء ولو قال أبرأتك عن كذا بشرط أن تعجل لي الباقي وإذا عجلت علي كذا فقد أبرأتك عن الباقي فعجل لم يصح القبض ولا الإبراء وإذا لم يصح لا يحصل العتق وعلى السيد رد المأخوذ هذا هو المذهب وأشار المزني إلى ترديد قول في صحة القبض والإبراء ولم يسلم له جمهور الأصحاب اختلاف القول وحملوا التجويز على ما إذا لم يجر شرط فابتدأ بذلك ولو أنشأ رضى جديداً بقبضه عما عليه حكم بصحته كما لو أذن للمشتري في قبض ما في يده عن جهة الشراء أو للمرتهن في قبضه عن جهة الرهن ولو أخذ السيد ما عجله المكاتب وأبرأه عن الباقي بلا شرط أو عجز المكاتب نفسه فأخذ السيد ما معه وأبرأه عن الباقي أو أعتقه جاز ولو أراد السيد والمكاتب حيلة يعتق بها بما عجل ويكون بجهة الكتابة فقال الأصحاب طريقه أن يقول إذا عجزت نفسك وأديت كذا فأنت حر فإذا وجدت الصفات عتق عن جهة الكتابة لأنها لا ترتفع بمجرد تعجيز نفسه وإنما ترتفع إذا فسخها بعد التعجيز وإذا عتق عن الكتابة كانت الأكساب له فيتراجعان فيرجع المكاتب على السيد بما أخذه والسيد عليه بقيمته لأنه أعتقه على عوضين التعجيز والمال المذكور والتعجيز لا يصلح عوضا فكأنه أعتقه بعوض فاسد قال صاحب الشامل ولو لم يعلق هكذا ولكن قال إن أعطيتني كذا فأنت حر فأعطاه عتق ولكنه عوض فاسد لأن المكاتب لا تصح المعاوضة عليه فيعتق بالصفة وعليه تمام قيمته ولو عجل المكاتب النجم على أن يعتقه ويبرئه عن الباقي ففعل السيد ذلك عتق المكاتب ورجع عليه بقيمته ويرجع المكاتب على السيد بما دفع لأنه أعتقه بعوض فاسد حكاه القاضي عن النص. المسألة الثالثة في تعذر تحصيل النجوم عند حلولها وله أسباب الأول الإفلاس فإذا حل نجم على المكاتب وهو عاجز عن أدائه أو عن بعضه فللسيد فسخ الكتابة وله أن يفسخ بنفسه لأنه فسخ مجمع عليه كفسخ النكاح بالعتق وإن شاء رفع إلى الحاكم ليفسخ وفي تعليق الشيخ أبي حامد لأنه إذا ثبت عجزه بإقراره أو بالبينة فللسيد فسخ الكتابة وينبغي أن لا يشترط إقراره بالعجز ولا قيام البينة عليه لأنا سنذكر إن شاء الله أنه لو امتنع من الأداء ثبت حق الفسخ وإذا لم يؤد فهو ممتنع إذا لم يكن عاجزاً وإذا رفع إلى القاضي فلا بد من ثبوت الكتابة وحلول النجم عنده ومتى فسخت سلم للسيد ما أخذه لأنه كسب عبده لكن ما أخذه من الزكاة يسترد ويؤديه وهذا قد سبق في الزكاة وليس هذا الفسخ على الفور بل له تأخيره ما شاء كفسخ الإعسار وإذا استنظره المكاتب استحب أن ينظره ثم لا يلزمه الإمهال بل له الرجوع إلى الفسخ وإذا طالبه بالمال فلا بد من الإمهال بقدر ما يخرجه من الصندوق والدكان والمخزن ويزن فإن كان ماله غائباً فقد أطلق الإمام والغزالي أن السيد الفسخ وليحمل على تفصيل ذكره ابن الصباغ والبغوي وغيرهما وهو أنه إن كان على مسافة القصر لم يلزمه التأخير إلى استيفائه كما لو كانت له وديعة وإن كان مؤجلا أو على معسر فلا وإن كان الدين على السيد وهو من جنس النجوم ففيه الخلاف في التقاص وإن كان من غير جنسه أداه ليصرفه المكاتب في النجوم ولو حل النجم وهو نقد وللمكاتب عروض فإن أمكن بيعها أمكن بيعها على الفور بيعت ولا فسخ وإن احتاج البيع إلى مدة لكساد وغيره فمقتضى كلام الصيدلاني أن لا فسخ ورأى الإمام الفسخ كغيبة المال وهذا أصح وضبط البغوي التأخير للبيع بثلاثة أيام وقال لا يلزم أكثر منها. السبب الثاني غيبة المكاتب فإذا حل النجم والمكاتب غائب أو غاب بعد حلوله بغير إذن السيد فللسيد الفسخ إن شاء بنفسه وإن شاء بالحاكم وقيل لا يفسخ بنفسه والصحيح الأول فلا يلزمه تأخير الفسخ لكون الطريق مخوفاً أو المكاتب مريضاً وإذا فسخ بنفسه فليشهد عليه لئلا يكذبه المكاتب وإن رفع إلى الحاكم فلا بد أن يثبت عنده حلول النجم وتعذر التحصيل ويحلفه الحاكم مع ذلك لأنه قضاء على الغائب قال الصيدلاني يحلفه أنه ما قبض النجوم منه ولا من وكيله ولا أبرأه ولا أحال به ولا يعلم له مال حاضر وذكر الحوالة مبني على جواز الحوالة بالنجوم ولو كان مال المكاتب حاضراً لم يؤد الحاكم النجوم منه ويمكن السيد من الفسخ لأنه ربما عجز نفسه لو كان حاضراً ولم يؤد المال ولو نظر المكاتب بعد حلول النجم وأذن له في السفر ثم بدا له في الأنظار لم يكن له الفسخ في الحال لأن المكاتب غير مقصر هنا ولكن يرفع السيد الأمر إلى الحاكم ويقيم البينة على الحلول والغيبة ويحلف مع ذلك ويذكر أنه رجع عن الأنظار فيكتب الحاكم إلى حاكم بلد المكاتب ليعرفه الحال فإن أظهر العجز كتب به إلى حاكم بلد السيد ليفسخ إن شاء وإن قال أؤدي الواجب فإن كان للسيد هناك وكيل سلم إليه فإن أبى ثبت حق الفسخ للسيد وللوكيل أيضاً إن كان وكيلا فيه وحكى ابن كج قولا آخر أنه لا فسخ بالامتناع عن التسليم إلى الوكيل لاحتمال العزل وإن لم يكن هناك وكيل أمره الحاكم بإيصاله إليه إما بنفسه وإما بغيره ويلزمه ذلك في أول رفقة تخرج أو في الحال إن كان لا يحتاج إلى رفقة في ذلك الطريق وعلى السيد الصبر إلى أن تمضي مدة إمكان الوصول فإن مضت ولم يوصله مقصراً فللسيد الفسخ قال ابن كج ولو لم يكن في بلد السيد حاكم فكتب السيد إلى العبد وأعلمه بالحال وأمره بالتسليم إلى رجل فامتنع فعندي أنه كما لو امتنع بعد كتاب القاضي إذا وقع له العلم به وحكى ابن القطان فيه وجهين قال وحكى وجهين فيما لو سلم المكاتب إلى وكيل السيد وبان أن السيد عزله هل يبرأ المكاتب قال وعندي أن الوجهين مخصوصان بما إذا قال الحاكم فلان السبب الثالث الامتناع فإذا امتنع المكاتب من أداء النجوم مع القدرة لم يجب عليه لأن الحط له فلا يجبر عليه ولأن الكتابة جائزة من جهة المكاتب ولأنها تتضمن التعليق بالصفة والعبد لا يجبر على الصفة فإذا عجز نفسه فالسيد بالخيار إن شاء فسخ وإن شاء صبر وإن أراد الفسخ فسخ بنفسه ولا يحتاج إلى القاضي وهل للمكاتب الفسخ وجهان أحدهما لا إذ لا ضرر عليه في بقائها وأصحهما نعم كالمرتهن يفسخ الرهن قال الإمام وتجويز الامتناع من الأداء مع أنه لا يملك الفسخ بعيد. الرابع قد سبق أن الكتابة لا تنفسخ بجنون العبد فإن أراد السيد الفسخ اشترط أن يأتي الحاكم فيثبت عنده الكتابة وحلول النجم ويطالب به ويحلفه الحاكم على بقاء الاستحقاق ثم يبحث فإن وجد للمكاتب مالا أداه عن الواجب عليه ليعتق لأن المجنون ليس من أهل الضرر لنفسه فناب عنه الحاكم بخلاف الغائب الذي له مال حاضر ثم إن الجمهور أطلقوا أن الحاكم يؤدي عنه وقال الغزالي يؤدي إن رأى له مصلحة في الحرية وإن رأى أنه يضيع إذا عتق لم يؤد وهذا حسن ولكنه قليل النفع مع قولنا إن للسيد إذا وجد مالا الاستقلال بأخذه إلا أن يقال يمنعه الحاكم من الأخذ والحالة هذه وإن لم يجد الحاكم له مالا مكن السيد من الفسخ فإذا فسخ عاد المكاتب قناً له وعليه نفقته فإن أفاق وظهر له مال كان حصله قبل الفسخ دفعه إلى السيد وحكم بعتقه وبعض التعجيز هكذا أطلقوه وأحسن الإمام فقال إن ظهر المال في يد السيد رد التعجيز وإلا فهو ماض لأنه فسخ حين تعذر الوصول إلى حقه فأشبه ما لو كان ماله غائباً فحضر بعد الفسخ وإذا حكمنا ببطلان التعجيز وكان السيد جاهلا بحال المال فعلى المكاتب رد ما أنفق السيد عليه وإن وجد السيد للمكاتب في جنونه مالا فقد سبق أن الاستقلال بأخذه وحكينا عن الإمام فيه تفصيلا.
الخامس إذا مات المكاتب قبل تمام الأداء انفسخت الكتابة ومات رقيقاً فلا يورث وتكون أكسابه لسيده وتجهيزه عليه سواء خلف وفاء بالنجوم أم لا وسواء كان الباقي قليلا أم كثيراً وسواء كان حط عنه شيئاً أم لا لأن الإيتاء غير معلوم فلا يسقط به معلوماً نص في الأم على أنه لو أحضر المكاتب المال ليدفعه إلى السيد أو دفع المال إلى رسوله ليوصله إليه فمات قبل قبضه مات رقيقاً أيضاً وأنه لو وكل المكاتب رجلا في دفع النجم الأخير إلى السيد ومات المكاتب فقال أولاده الأحرار دفع الوكيل قبل موته فمات حرا وكذبه السيد فهو المصدق فإن أقاموا بينة على الدفع يوم الخميس وكان قد مات يوم الخميس لم ينفعهم إلا أن يقول الشهود دفع قبل موته أو يقولوا دفع قبل طلوع الشمس ويكون السيد معترفا بأن مات بعد الطلوع وأنه لو شهد وكيل المكاتب بقبض السيد قبل موت المكاتب لم تقبل شهادته ولو شهد به وكيل السيد قبلت لعدم فروع تتعلق بالفسخ والانفساخ فيحصل الفسخ بقول السيد فسخت الكتابة ونقضتها ورفعتها وأبطلتها وعجزت المكاتب ولو لم يطالبه السيد بعد حلول النجم مدة ثم أحضر المكاتب المال لم يكن للسيد الامتناع من قبضه ونص في الأم أنه لو قال بعد التعجيز قررتك على الكتابة لم يصر مكاتباً حتى يجدد كتابة وقد سبق في القراض ما يقتضي خلافاً فيه. قلت ليس هذا كالقراض فإن معظم الاعتماد هنا في العتق على التعليق وهذا اللفظ لا يصلح له والله أعلم. ولو تطوع رجل بأداء مال الكتابة فهل يجبر السيد على القبول أم له الفسخ وجهان أصحهما له الفسخ وبه قطع الإمام وإذا قبل ففي وقوعه عن المكاتب إذا كان بإذنه وجهان القياس الوقوع وإذا مات المكاتب رقيقاً أو فسخ السيد الكتابة لعجزه رق كل من يكاتب عليه والد وولد وصاروا جميعاً للسيد وجميع ما في يده من المال للسيد إن لم يكن عليه دين فإن كان فسنذكره إن شاء الله تعالى. فرع إذا قهر السيد المكاتب واستعمله مدة لزمه أجرة مثله ثم إذا جاء المحل هل يلزمه إمهاله مثل تلك المدة أم له تعجيزه والفسخ قولان أظهرهما الثاني لأنه أخذ بدل منافعه ولو حبسه عن السيد فالمذهب فالمذهب أنه لا إمهال وأجراه العراقيون على القولين وقد ذكرنا المسألة فيما لو أسر الكفار مكاتباً مدة ثم استنقذناه. المسألة الرابعة فيما إذا انضم إلى النجوم ديون على المكاتب لسيده أو لغيره أو له ولغيره وفيها صور الأولى كان للسيد مع النجوم دين معاوضة أو أرش جناية فإن تراضياً بتقديم الدين فذاك وإن تراضينا بتقديم النجوم عتق ثم المذهب أن الدين الآخر لا يسقط فللسيد مطالبته به ولو كان ما في يده وافياً بالنجوم دون الدين فإذا أداه عن النجوم بإذن السيد فالحكم ما ذكرناه وللسيد منعه من تقديم النجوم فيأخذ ما معه عن الدين ثم يعجزه وهل له تعجيزه قبل أخذه وجهان أصحهما نعم ولو دفع المكاتب ما في يده إلى السيد ولم يتعرضا للجهة ثم قال المكاتب قصدت النجوم وأنكر السيد أو قال أصدقه ولكن قصدت أنا الدين لا النجوم فقال القفال يصدق المكاتب وقال الصيدلاني يصدق السيد لأن الاختيار هنا إليه بخلاف سائر الديون. قلت قول القفال أصح والله أعلم. الثانية والثالثة إذا اجتمع عليه نجوم وديون للسيد أو لغيره أو له ولغيره فهو كالحر في الحجر عليه أصحهما قولان كالمفلس والثاني تؤول قطعاً لأن للرق أثراً في إبطال الأجل ولهذا نص الشافعي رحمه الله أن الحربي إذا استرق وعليه دين مؤجل حل قلنا يحل قسم المال على الجميع وإلا فعلى الحال ولا يحجر عليه بالتماس السيد للنجوم لأنها غير مستقرة والمكاتب متمكن من إسقاطها. إذا ثبت هذا فإن كان ما في يد المكاتب وافياً بالديون قضيت وإلا فإن لم يحجر عليه فله تقديم ما شاء من الديون وله تعجيل الديون قبل المحل ولا يجوز تعجيل الديون المؤجلة بغير إذن سيده وفي جوازه بإذنه الخلاف في تبرعاته بإذنه وفي معناه ما إذا عجل الديون للسيد ومنهم من طرد الخلاف في تعجيل النجوم ذكره الروياني وإذا قدم النجوم عتق وبقي دين الأجانب عليه ولا يجيء فيه الخلاف في إعتاق الجاني لأن العتق يحصل بالصفة السابقة على الجناية فهو كما لو علق عتق عبده بصفة ثم جنى فإن الجناية لا تمنع وقوع العتق بالتعليق السابق بلا خلاف والأولى أن يقدم دين المعاملة فإن فضل شيء جعله في الأرش فإن فضل شيء صرفه في النجوم وسيظهر وجه هذا الترتيب إن شاء الله تعالى وإن حجر عليه تولى قسمة ما في يده وفي كيفية القسمة وجهان ويقال قولان أحدهما يقسم على قدر الديون وأصحهما يقدم دين المعاملة لأنه يتعلق بما في يده خاصة وللأرش متعلق آخر وهو الرقبة وكذا حق السيد بتقدير العجز يعود إلى الرقبة ويسوى بين النقد والعرض ثم يقدم أرش الجناية على النجوم لأن الأرش مستقر والنجوم معرضة للسقوط وقال القاضي أبو الطيب لا خلاف أن هذا الثاني مذهب الشافعي رحمه الله وإنما الأول إذا رضوا بالتسوية فإن عجز المكاتب نفسه سقطت النجوم وفي دين المعاملة للسيد وجهان أصحهما يسقط أيضاً ويصرف ما في يده إلى ديون الأجانب من معاملة وأرش فإن لم يف بالنوعين فهل تقدم المعاملة أم الأرش أم يسوى بينهما أوجه أصحها عند الشيخ أبي محمد والغزالي ونحوهما الثالث ثم ما تبقى من دين المعاملة يتبع به بعد العتق وما تبقى من الأرش يتعلق بالرقبة يباع فيه ولو مات المكاتب قبل قسمة ما في يده انفسخت الكتابة وسقطت النجوم قال ابن سريج وابن الصباغ تسقط الأروش أيضاً لأنها تتعلق بالرقبة وقد فاتت وبما في يده بحكم الكتابة وقد بطلت فعلى هذا يتعين صرف ما خلفه إلى المعاملة وقال الصيدلاني والإمام والبغوي تبقى الأروش وتعلقها بالمال فعلى هذا إن سوينا في صورة التعجيز فهنا أولى وإن قدمنا الأرش فكذا هنا وإن قدمنا المعاملة فهل تقدم هنا أيضاً أم يسوى وجهان أصحهما التسوية لأنهما متعلقان بما خلفه. فرع إذا لم يكن في يد المكاتب مال أو قسم الموجود إما على الديون جميعاً بالسوية وإما على التقديم والترتيب وبقيت النجوم أو بعضها فللسيد تعجيزه ورده رقيقاً وإن بقيت الأروش أو بعضها فمستحق الأرش الباقي لعجزه لتباع رقبته في حقه ولا يعجزه بنفسه لأنه لم يعقده لكن يرفع الأمر إلى الحاكم ليعجزه صرح الأصحاب بهذا وقال الإمام ظاهر كلامهم أنه يعجزه بنفسه لأنه لم يعقده لكن يرفع الأمر إلى الحاكم ليعجزه بنفسه والوجه الرفع إلى القاضي فلو أراد السيد أن يفديه ويبقي الكتابة فهل يمتنع على مستحق الأرش التعجيز ويلزمه قبول الفداء وجهان أرجحهما عند الإمام والغزالي لا وأصحهما نعم وبهذا قطع الجمهور وأما صاحب دين المعاملة فليس له التعجيز لأن حقه لا يتعلق بالرقبة ولو أمهله السيد ومستحق الأرش ثم بدا لبعضهم وأراد التعجيز فله ذلك وإذا تحقق التعجيز سقطت النجوم ويباع في الأرش إلا أن يفديه السيد ودين المعاملة لا يتعلق بالرقبة على الصحيح. فرع ذكرنا أن الأصح تقديم دين الأجنبي على النجوم وهل يضارب السيد معهم بماله من دين المعاملة وجهان أصحهما نعم وأما ما للسيد عليه من أرش جناية فقال ابن كج يستوي السيد والأجنبي فيه في دوام الكتابة وأما بعد التعجيز فيباع في أرش الجناية للأجنبي ويسقط ما للسيد لأنه صار ملكه ولا يثبت للسيد على عبده أرش ويجوز أن يجعل فيه خلاف. المسألة الخامسة إذا كان بينهما عبد بالسوية فكاتباه لم يكن للمكاتب أن يفضل أحدهما على الآخر في المدفوع فلو دفع إلى أحدهما تمام حصته بغير إذن الآخر لم يعتق منه شيء لأن نصف المأخوذ لشريكه ويجيء فيه وجه ضعيف سبق وإن دفع إليه تمام النجوم فكذلك على الأصح وللشريك الآخر أخذ حصته مما قبض بلا خلاف ولو قبض أحدهما جميع النجوم بإذن الآخر عتق العبد قطعاً وإن سلم إلى أحدهما حصته من مال الكتابة بإذن الآخر ورضاه بتقديمه فهل يصح القبض قولان أظهرهما لا لأن حقه في ذمة المكاتب وما في يده ملكه فلا أثر للإذن فيه ولأنه لو جاء بالمال ليعطيهما فرضي أحدهما بأن يزن للآخر أولا ففعل وأقبضه لم يعتق حتى يزن للآخر ولو هلك الباقي قبل أن يزن للثاني كان المدفوع بينهما فكذا هنا والثاني نعم لأن الحق لا يعدوهم فإن قلنا لا يصح القبض لم يعتق نصيب القابض وللآذن طلب حصته من المقبوض ثم إن أدى المكاتب الباقي عتق عليهما وإلا فلهما التعجيز وإن قلنا يصح القبض اختص القابض بما قبض وعتق نصيبه ثم إن كان معسراً لم يعتق عليه نصيب الآخر ولكن إن كان في يد المكاتب ما يفي بنصيب الآخر وأداه عتق أيضاً وإلا فله التعجيز وإن كان موسراً قوم عليه نصيب الشريك وهل يقوم في الحال أم عند التعجيز عن نصيب الآخر فيه القولان السابقان فيما إذا عتق أحدهما نصيبه فإن قلنا يقوم في الحال فجميع ما في يد المكاتب يكون للشريك الآذن وما كسبه بعد ذلك يكون بين المكاتب والشريك الآذن لأنه كسب بنصفيه الحر والمكاتب وإن مات قبل الأداء والتعجيز فعلى ما سبق هناك هذه طريقة جماهير الأصحاب وقال الإمام إن كان في يده وفاء بنصيب الشريك الآذن فالذي رأيته للأصحاب القطع بأنه لا سراية وقال الغزالي ولا نقول بعتق نصيبه بل يؤدي نصيب الآذن فإذا أدى عتق عليهما وإن عجز عن أداء نصيب الآذن فعن ابن سريج لا يشارك القابض فيما قبض لأنه لما قدمه رضي ببقاء حقه في ذمة المكاتب فعلى هذا يعتق نصيب القابض وفي السراية ما ذكره الجماهير وعن غيره أن الآذن يشاركه لأن ما قبضه كسب عبدهما وإنما تبرع الآذن بالتقديم لا بالتمليك ولا يخلص له المقبوض فعلى هذا لهما تعجيزه وإرقاقه. فرع قد سبق أنهما إذا كاتبا المشترك فادعى أنه أوفاهما فصدقه أحدهما وكذبه الآخر صدق المكذب بيمينه فإذا حلف بقيت الكتابة في نصيبه وهو بالخيار بين أن يشارك المصدق فيما أقر بقبضه فيأخذ نصفه ويطالب العبد بالباقي وبين أن يطالب المكاتب بتمام نصيبه لأن كسبه متعلق حقهما بالشركة وقيل إذا جوزنا انفراد أحدهما بكتابة نصيبه لم يشارك المصدق بل يطالب المكاتب بجميع حقه وإنكاره قبض الشريك لا يمنعه الرجوع عليه لأنه أقر بالقبض وربما قبض وهو لا يعلم ثم إذا أخذ المكاتب حصته منهما أو من العبد لاعترافه بأنه مظلوم ولا يرجع العبد أيضاً على المصدق بما العبد وحده عتق باقيه ولا يرجع المصدق إن أخذ منهما بشيء على يأخذ منه ولا تقبل شهادة المصدق على المكذب لأنه متهم. السادسة إذا كاتب عبيداً وشرط أن يتكفل بعضهم بعضا بالنجوم فسدت الكتابة لأنه شرط فاسد لأن ضمان النجوم باطل ولو ضمن بعضهم بعضا بلا شرط لم يصح وفي قول قديم لا تفسد الكتابة بالشرط المذكور لأنه مصلحة العقد والمشهور الأول ولو كاتب عبداً بشرط أن يضمن عنه فلان لم تصح الكتابة أيضاً ولو أدى بعض المكاتبين عن بعض بلا شرط ولا ضمان أو كاتب عبدين في عقدين فأدى أحدهما عن الآخر فإن أدى بإذنه رجع عليه وإلا فلا وإن أدى قبل العتق فهو تبرع وتبرعه بغير إذن السيد باطل وبإذنه قولان فإن لم يعلم السيد أنه يؤدي عن غيره بأن ظن أن كسب المؤدى عنه وأنه وكيله فهو تبرع بغير إذن السيد وإن علم الحال فهو كالتصريح بالإذن على الأصح فإن صححنا الأداء لم يرجع المؤدى على السيد ويرجع على المؤدى عنه إن أدى بإذنه ولا يرجع إن أدى بغير إذنه وإذا ثبت له الرجوع عليه فإن كان قد عتق فذاك وإلا فيأخذ مما في يده ويقدم على النجوم لأنه لا بدل له وحق السيد له بدل عند التعذر وهو رقبته وإن لم نصحح الأداء فلا رجوع للمؤدي على المؤدى عنه لكنه يسترد من السيد فلو أدى النجوم وعتق فالنص أنه لا يسترد حينئذ ونص فيما لو جنى السيد على مكاتبه فعفا عن الأرش وأبطلنا العفو بناء على رد تبرعاته فعتق أن له أخذ الأرش قال أكثر الأصحاب في الصورتين قولان كزوال المانع من تبرعه لكن وقع العفو والأداء فاسدين فلا ينقلبان صحيحين ولو كاتب رجلان كل واحد منهما عبده ثم أدى أحدهما عن الآخر بغير إذن سيده لم يصح أداءه وبإذنه قولان وقال القفال إن انضم إذن المؤدى عنه إلى آذن سيده صح بلا خلاف لأنه يكون إقراضاً والإقراض بإذن السيد صحيح بلا خلاف فإن لم نصحح أداءه فله الاسترداد فإن عتق قبل الاسترداد ففيه الخلاف. فرع المكاتبون دفعة واحدة إذا اختلفوا فيما دفعه إلى السيد فقال من قلت قيمته أدينا النجوم على عدد الرؤوس وقال من كثرت قيمته بل على أقدار القيم فقولان أظهرهما يصدق من قلت قيمته لثبوت يده على ما ادعاه والثاني يصدق الآخر لأن الظاهر معه وقيل ليست على قولين بل إن أدوا بعض المال بحيث لو وزع على رؤوسهم لم يخص أحدهم أكثر من قسطه صدق قليل القيمة وإن أدوا الجميع وادعى قليل القيمة أنه أدى أكثر مما عليه ليكون وديعة عند السيد أو قرضاً على كثير القيمة فيصدق كثير القيمة قال الروياني ويجري الخلاف فيما لو اشترى اثنان شيئاً على التفاضل وأديا الثمن واختلفا في أنهما أديا متفاضلاً أم متساوياً. السابعة في الاختلاف وفي صور إحداهما ادعى عبد على سيده انك كاتبتني فأنكر صدق السيد بيمينه وكذا لو ادعى على وارثه بعده أن مورثك كاتبني صدق الوارث ويحلف على نفي العلم ولو قال السيد كاتبتك وأنا مجنون أو محجور علي قال العبد بل كنت كاملا فإن عرف للسيد جنون أو حجر صدق وإلا فيصدق العبد ولو قال السيد كاتبتك فأنكر العبد ففي كتاب ابن كج أنه إن لم يعترف بأداء المال عاد رقيقاً ويكون إنكاره تعجيزاً منه وإن قال السيد وأديت المال وعتقت فهو حر بإقراره فإن قال العبد الذي أديت إليك ليس لي بل ودبعة لزيد وادعاه زيد صدق أما إذا اختلفا في أداء المال فالمصدق السيد فإن أراد المكاتب إقامة بينة بالأداء أمهل ثلاثة أيام وهل هذا الإمهال واجب أم مستحب وجهان ولا تثبت الكتابة بشاهد وامرأتين ولا بشاهد ويمين ويشترط في الشهادة التعرض للتنجيم وقدر كل نجم ووقته ويثبت الأداء بشاهد وامرأتين وبشاهد ويمين وقيل لا يثبت النجم الأخير إلا بعدلين لتضمنه العتق والصحيح الأول وحكى الروياني في الكافي أنه لو أمهل ثلاثة أيام ليأتي ببينة الأداء فأحضر شاهداً بعد الثلاثة واستنظر ليأتي بالثاني أنظر ثلاثة أخرى. الثانية اختلفا في قدر النجوم أو عددها أو جنسها أو صفتها أو قدر الأجل ولا بينة تحالفا وكيفيته كما سبق في البيع فإذا تحالفا نظر إن لم يحصل العتق باتفاقهما بأن لم يقبض جميع ما يدعيه أو قبض غير الجنس الذي يدعيه فهل تنفسخ الكتابة أم يفسخها الحاكم إن لم يتراضيا على شيء فيه ما سبق في البيع وإن حصل العتق باتفاقهما بأن قبض ما يدعيه بتمامه وزعم المكاتب أن الزيادة على القدر الذي اعترف به أودعها عنده استمر نفوذه ويتراجعان فيرجع السيد بقيمة المكاتب ويرجع هو بما أدى وقد يقع في التقاص ولو قال السيد كاتبتك على نجم فقال بل على نجمين قال البغوي صدق السيد بيمينه لأنه يدعي فساد العقد. قلت ينبغي أن يكون على الخلاف فيما لو اختلف المتبايعان في مفسد للبيع والله أعلم. فلو أقام العبد بينة بأنه كاتبه في رمضان سنة كذا على ألف وأقام السيد بينة أنه كاتبه في شوال تلك السنة على ألفين فإن اتفقا أن الكتابة متحدة فكل بينة تكذب الأخرى فيتساقطان ويتحالفان وإن لم يتفقا على الاتحاد فالبينة المتأخرة أولى لأنه ربما كاتب في رمضان ثم ارتفعت تلك الكتابة وأحدث أخرى. الثالثة ولد المكاتب من زوجته المعتقة حر وولاؤه لمواليها فإن عتق المكاتب انجر الولاء إلى مواليه كما سبق في الولاء فلو مات المكاتب فاختلف مولاه ومولى أم أولاده فقال مولاه عتق بأداء وهل يكفيه شاهد ويمين أو شاهد وامرأتان أم يحتاج إلى شاهدين فيه الخلاف في النجم الأخير ويدفع مال المكاتب إلى ورثته الأحرار لإقرار السيد أنه مات حراً ولو أقر السيد في حياة المكاتب بأنه أدى النجوم عتق وجر إليه ولاء ولده. الرابعة كاتب عبدين في صفقتين أو صفقة وجوزناها ثم أقر أنه استوفى نجوم أحدهما أو أنه أبرأ أحدهما أمر بالبيان فإن قال نسيته أمر بالتذكر ولا يقرع بينهما ما دام حياً وقيل يقرع والصحيح الأول فإن بين أحدهما فصدقه الآخر فذاك وإن كذبه وقال بل استوفيت مني أو أبرأتني فله تحليف السيد فإن حلف بقيت كتابته إلى أداء النجوم وإن نكل حلف المكذب وعتق أيضاً وإن لم يتذكر حلف لهما إذا ادعاه وإذا حلف فوجهان أحدهما يبقيان على الكتابة ولا يعتق واحد منهما إلا بأداء النجوم والثاني تتحول دعوى المكاتبين فإن حلفا على الأداء أو نكلاً بقيا على الكتابة وإن حلف أحدهما ونكل الآخر حكم بعتق الحالف وبقي الآخر مكاتباً ولو بين أحدهما فقال الآخر تؤتيني بالإقرار الذي اتهمته ولم يقل استوفيت مني أو أبرأتني قال الإمام فالأصح أن دعواه مردودة لأنه لا يدعي حقاً ثابتاً وإنما يدعي إخبارا قد يصدق فيه وقد يكذب وقد سبق نظير هذا في الدعاوى ولو مات السيد قبل البيان فهل يقوم الوارث مقامه في البيان قولان أحدهما لا بل يقرع فمن خرجت قرعته فهو حر وعلى الآخر أداء النجوم وله تحليف الوارث على نفي العلم وأظهرهما يقوم مقامه ولا قرعة فإذا بين فالحكم كما سبق في بيان المورث إلا أن الوارث يحلف على نفي العلم فإن قال الوارث لا أعلم المؤدي فلكل واحد تحليفه أنه لا يعلمه أدى فإذا حلف لهما فوجهان أحدهما يستوفي من كل واحد منهما ما عليه كما لو أقر بأن أحد غريميه أوفاه دينه ومات قبل البيان وحلف الوارث لكل واحد منهما فإنه يستوفي الدينين جميعاً وحكى ابن الصباغ توقف العتق على أداء كل واحد منهما جميع ما عليه ثم قال وعندي أنه إن استوفى المالان فقالا نؤدي ما على أحدنا أو اختلفا فقالا نؤدي الأكثر ليعتق كان لهما ذلك لأنهما بأدائه قد أديا جميع ما عليهما والوجه الثاني وهو الأصح وبه قال القاضي أبو الطيب يقرع بينهما هكذا رتب الجمهور المسألة وقال الإمام والغزالي لكل واحد من الكاتبين أن يدعي على الوارث توفية النجوم إلى المورث أو إبراءه له وأن يحلفه على نفي العلم فإذا حلف هل يقرع قولان أظهرهما نعم فمن خرجت له القرعة فهو حر وعلى الآخر أداء النجوم وإن قلنا لا يقرع قال الإمام الذي يقتضيه القياس التوقف إلى الاصطلاح أو البيان أو بينة وينقدح أن يقال للوارث تعجيزهما فإنهما ممتنعان من الأداء وأحدهما مكاتب وحينئذ فأحدهما حر والآخر رقيق فيقرع والمذهب ما قدمناه عن الجمهور ولو أقر باستيفاء بعض نجوم أحدهما ولم يبين فلا قرعة لأن العتق لا يحصل به بل يوقف الأمر ولو ادعى أحد المكاتبين على الوارث الأداء أو الإبراء فأنكر حصل قلت هذا الذي قاله الصيدلاني فيما إذا قال في إنكاره لست المؤدي أما إذا قال لا أعلم ونحوه فليس مقرا للآخر بلا شك والله أعلم. فروع من التهذيب لو قال السيد استوفيت أو قال المكاتب أليس قد أوفيتك فقال بلى ثم قال المكاتب وفيتك الجميع وقال السيد البعض فالمصدق السيد لأن اللفظ يحتملهما جميعاً ولو وضع عن المكاتب شيئاً من النجوم واختلفا فقال السيد وضعت من النجم الأول وقال المكاتب من الأخير أو قال وضعت بعض النجوم فقال المكاتب بل كلها صدق السيد بيمينه ولو كاتبه على ألف درهم فوضع عنه عشرة دنانير لم يصح فإن قال أردت قيمة عشرة دنانير من الدراهم صح فلو قال المكاتب أردت المعنى الثاني فأنكر السيد صدق السيد ولو وضع عنه من الدراهم ما يقابل عشرة دنانير فهو مجهول عندهما ففي صحته وجهان بناء على الخلاف فيما لو أوصى بزيادة على الثلث وأجاز الوارث وهو جاهل بالزيادة ففي وجه لا يصح ويحمل ظلى أقل ما يتيقن. الحكم الثالث تصرفات السيد في المكاتب وما يتعلق به وتصرف المكاتب أما القسم الأول ففيه مسائل إحداها في صحة بيع السيد رقبة المكاتب وهبته قولان الأظهر الجديد بطلانه ومنهم من قطع به فعلى هذا لو أدى النجوم إلى المشتري بعد البيع فهل يعتق فيه الخلاف الذي نذكره إن شاء الله تعالى فيما لو دفع النجوم إلى مشتري النجوم ولو استخدمه المشتري مدة لزمه أجرة المثل للمكاتب وهل على السيد أن يمهله قدر المدة التي كانت في يد المشتري قولان كما لو استخدمه السيد أو حبسه وإن قلنا بالقديم فثلاثة أوجه الصحيح بفاء الكتابة وينتقل إلى المشتري مكاتبا فإذا أدى إليه النجوم عتق وكان الولاء للمشتري والثاني يعتق بالأداء إلى المشتري ويكون الولاء للبائع ويكون انتقاله بالشراء كانتقاله بالإرث والثالث ترتفع الكتابة بالبيع فينتقل غير مكاتب وهو ضعيف ولو قال أجنبي لسيد المكاتب أعتق مكاتبك على كذا أو أعتقه عني على كذا أو مجاناً فهو كقوله أعتق مستولدتك وقد سبق في الكفارات ولا يجوز للسيد بيع ما في يد المكاتب ولا إعتاق عبيده ولا تزويج إمائه. الثانية لا يصح بيع السيد نجوم الكتابة التي على المكاتب على المذهب ولا الاستبدال عنها على الصحيح فلو باعها لم يجر للمكاتب تسليمها إلى المشتري ولا للمشتري مطالبته بها ويحصل العتق بدفعها إلى السيد وهل يحصل بدفعها إلى المشتري قال في المختصر نعم وفي الأم لا فقال الجمهور قولان أحدهما نعم لأن للسيد سلطة على القبض فأشبه الوكيل وأظهرهما لا لأنه يقبض لنفسه حتى لو تلف في يده ضمنه بخلاف الوكيل وقال أبو إسحاق إن قال عند البيع أخذها منه أو قال للمكاتب ادفعها إليه صار وكيلا وعتق بقبضه وإن اقتصر على البيع فلا ويقال إن أبا إسحاق عرض هذا الرق على ابن سريج فلم يعبأ به وقال هو وإن صرح بالإذن فإنما يأذن بحكم المعاوضة لا بالوكالة فإن قلنا يعتق فما أخذه المشتري يعطيه للسيد لأنا جعلناه كتوكيله وإن قلنا لا يعتق فالسيد يطالب المكاتب والمكاتب يسترد من المشتري. الثالثة السيد معه في المعاملة كأجنبي يبايعه ويأخذ ثمنه بالشفعة فلو ثبت له على سيده دين معاملة ولسيده عليه النجوم أو دين معاملة ففي التقاص الخلاف الآتي في الفرع عقيبه إن شاء الله تعالى. فرع في التقاص إذا ثبت لشخصين كل واحد منهما على صاحبه دين بجهة واحدة أو جهتين كسلم وقرض أو قرض وثمن نظر هل هما نقدان أم لا وهل هما جنس أم لا فإن كانا جنساً واتفقا في الحلول وسائر الصفات فأربعة أقوال أظهرها يحصل التقاص بنفس ثبوت الدينيين ولا حاجة إلى والثالث يشترط في التقاص رضاهما والرابع يكفي رضى أحدهما وإن اختلف الدينان في الصفات كالصحة والكسر والحلول والتأجيل أو قدر الأجل لم يحصل التقاص لاختلاف الأغراض ولصاحب الحال أن يستوفيه وينتفع به إلى أن يحل ما عليه فإن تراضيا على جعل الحال قصاصاً عن المؤجل لم يجز كما في الحوالة وحكى أبو الفرج الزاز فيهما وجهاً ولو كانا مؤجلين لأجل واحد فهل هما كالحالين أم كمؤجلين بأجلين مختلفين وجهان أرجحهما عند الإمام الأول وعند البغوي الثاني وإن كانا جنسين دراهم ودنانير فلا مقاصة والطريق أن يأخذ أحدهما ما على الآخر ثم إن شاء جعل المأخوذ عوضا عما عليه فيرده إليه ولا حاجة إلى قبض العوض الآخر أما إذا لم يكن الدينان نقدين فإن كانا جنساً فالمذهب أنه لا تقاص وبه قطع جمهور العراقيين وغيرهم وقيل هو على الأقوال وقيل إن كانا من ذوات الأمثال فعلى الأقوال وإلا فلا تقاص قطعاً وإن كانا جنسين فلا تقاص قطعاً وإن تراضيا بل إن كانا عرضين فليقبض كل واحد ما على الآخر فإن قبض أحدهما لم يجز رده عوضاً عن المستحق للمردود عليه لأنه بيع عرض قبل القبض إلا أن يكون ذلك العرض مستحقاً بقرض أو إتلاف لا بعقد وإن كان أحدهما عرضاً والآخر نقداً فإن قبض مستحق العرض العرض ورده عوضاً عن النقد المستحق عليه جاز وإن قبض مستحق النقد النقد ورده عوضاً عن العرض المستحق عليه لم يجز إلا أن يكون العرض مستحقاً بقرض أو إتلاف هكذا ذكر ابن الصباغ والروياني وإذا حصل التقاص بين السيد والمكاتب وبرئ المكاتب عن النجوم عتق كما لو أداها. قلت فإذا قلنا لا يتقاصان ولم يبدأ أحدهما بتسليم ما عليه حبس حتى يسلما ذكره صاحب الشامل وغيره والله أعلم. الرابعة إذا أوصى السيد بالمكاتب صحت الوصية على القديم الذي نصحح بيعه ولا يصح على الجديد فعلى هذا لو قال إن عجز مكاتبي وعاد إلى الرق فقد أوصيت به لفلان فوجهان أحدهما لا يصح اعتباراً بحال التعليق وكما لو قال إن ملكت عبد فلان فهو حر والثاني وهو الصحيح وبه قطع الجمهور تصح الوصية كما لو أوصى بثمرة نخلته وحمل جاريته وكما لو قال إن ملكت عبد فلان فقد أوصيت به فإن قلنا بالصحيح فعجز وأراد الوارث أنظاره فللموصى له تعجيزه وليأخذه وإنما يعجزه بالرفع إلى الحاكم كما سبق في المجني عليه ولو أوصى بالنجوم التي عليه صحت وإن لم تكن مستقرة كما تصح الوصية بالحمل وإن لم يكن مملوكاً في الحال فإن أداها فهي للموصى له وولاء المكاتب للسيد وإن عجز فللوارث تعجيزه وفسخ الكتابة وإن أنظره الموصى له فهل للموصى له إبراؤه عن النجوم فيه احتمالان لابن كج والقاضي حسين ولو أوصى لواحد برقبته إن عجز ولآخر بالنجوم صحت الوصيتان فإن أدى المال بطلت الأولى وإن رق بطلت الثانية ولو أوصى لرجل بما يعجله المكاتب فلم يعجل وأدى النجوم في محلها بطلت الوصية ولا يجبر على التعجيل لتنفيذ الوصية هذا كله في الكتابة الصحيحة أما إن كاتبه كتابة فاسدة ثم أوصى برقبته فإن كان عالماً بفساد الكتابة صحت الوصية قال الصيدلاني وغيره وتتضمن الوصية فسخ الكتابة وإن كان يظن صحتها فقولان أحدهما لا تصح الوصية لأنه أوصى معتقداً بطلان الوصية وأظهرهما تصح اعتباراً بحقيقة الحال ومنهم من طرد القولين فيما لو كان عالماً بفساد الكتابة لأن الفاسدة كالصحيحة في حصول العتق وغيره بخلاف ما لو باع بيعاً فاسداً ثم أوصى بالمبيع وهو عالم بفساد البيع فإنه يصح قولا واحداً لأن البيع الفاسد ليس كالصحيح وأما إذا أوصى بالمبيع جاهلا بفساد المبيع فهو على القولين ولو باع المكاتب كتابة فاسدة أو المبيع بيعاً فاسداً أو وهب أو رهن وهو جاهل بالفساد فقيل فيه القولان وقيل يبطل قطعا بخلاف الوصية لأنها تحتمل الغرر والخلاف في هذا كله كالخلاف فيمن باع مال أبيه ظاناً أنه حي فكان ميتاً وفي معناها ما إذا وكل رجلا بشراء عبد ثم باعه وهو لا يعلم أن الوكيل اشتراه له أو باع مال اليتيم وهو لا يعلم أن أباه جعله وصياً له فبان أنه جعله. الخامسة الوصية بوضع النجوم عن المكاتب صحيحة معتبرة من الثلث فلو قال ضعوا عنه ما عليه من النجوم أو كتابته فمقتضاه وضع النجوم فلو قال نجماً من نجومه فالاختيار للوارث يضع ما شاء أقلها أو أكثرها أولها أو آخرها أو أوسطها وكذا لو قال ضعوا عنه ما قل أو كثر أو ما خف وثقل ولو قال ضعوا عنه ما شاء من نجوم الكتابة فشاء وضع الجميع لم يوضع الجميع بل يبقى أقل ما يتمول لأن من للتبعيض ولو اقتصر على قوله ضعوا عنه ما شاء فشاء الجميع فقيل بوضع الجميع والصحيح المنصوص أنه يبقى شيء كالصورة السابقة ولو قال ضعوا عنه أكثر مما عليه أو أكثر ما بقي عليه وضع نص ما عليه وزيادة وتقدير الزيادة إلى اختيار الوارث ولو قال ضعوا عنه أكثر مما عليه أو ما عليه وأكثر وضع عنه الجميع ولغا ذكر الزيادة ولو كانت عليه نجوم مختلفة الأقدار والآجال فقال ضعوا عنه أكثر النجوم أو أكبرها روعي القدر وإن قال أطولها وأقصرها روعيت المدة وإن قال أوسط النجوم فهذا يحتمل الأوسط في القدر وفي الأجل وفي العدد فإن اختلفت النجوم فيها جميعاً فللورثة تعيين ما شاءوا فإن زعم المكاتب أنه أراد غيرهم حلفهم على نفي العلم وإن تساوت في القدر والأجل حملت على العدد فإذا كان العدد وترا كالثلاثة والخمسة فالأوسط واحد وإن كان شفعاً فالأوسط اثنان كالثاني والثالث من أربعة فيعين الوارث أحدهما هكذا قال ابن الصباغ وغيره ويجوز أن يقال الأوسط كلاهما فيوضعان وهذا مقتضى ما في التهذيب. أوصى بكتابة عبد بعد موته فلم يرغب العبد في الكتابة تعذر تنفيذ الوصية ولا يكاتب بدله آخر كما لو أوصى لزيد بمال فلم يقبل فلا يصرف إلى غيره وإن رغب فإن خرج كله من الثلث كوتب ثم إن عين مال الكتابة كوتب على ما عينه وإلا فعلى ما جرت به العادة والعادة أن يكاتب العبد على ما فوق قيمته وإن لم يخرج كله من الثلث فلم يجز الوارث فقيل كتابة القدر الذي يخرج من الثلث يكون على الخلاف في كتابة بعض العبد والمذهب أنه يكاتب ذلك القدر ويصح بلا خلاف ولا يبالي بالتبعيض إذا أفضت الوصية إليه وإذا كوتب بعضه وأدى النجوم عتق وولاؤه للموصي والباقي رقيق فإن أجاز الوارث كتابة كله وعتق بأداء النجوم فولاء الجميع للموصي إن جعلنا الإجازة تنفيذا وإلا فولاء ما زاد على القدر الخارج من الثلث للوارث ولو قال كاتبوا أحد عبيدي لم يكاتب أمة ولا خنثى مشكل وهل يكاتب خنثى ظهرت ذكورته فيه طريقان المذهب نعم والثاني قولان لبعده عن الفهم عند الإطلاق ولو قال كاتبوا إحدى إمائي لم يكاتب المشكل فإن ظهرت أنوثتها فعلى الطريقين ولو قال أحد رقيقي جاز العبد والأمة وجاز المشكل على المشهور.
|