الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير
.تفسير الآيات (7- 10): .شرح الكلمات: {قل بلى وربى لتبعثن}: قل لهم يا رسولنا بلى لتبعثن ثم تنبئون بما عملتم. {وذلك على الله يسير}: أي وبعثكم وحسابكم ومجازاتكم بأعمالكم شيء يسير على الله. {والنور الذي أنزلنا}: أي وآمنوا بالقرآن الذي أنزلناه. {ليوم الجمع}: أي يوم القيامة إذ هو يوم الجمع. {ذلك يوم التغابن}: أي يغبن المؤمنون الكافرين يأخذ منازل الكفار في الجنة واخذ الكفار منازل المؤمنين في النار. {ذلك الفوز العظيم.}: أي تكفيره تعالى عنهم سيئاتهم وإدخالهم جنات تجرى من تحتها الأنهار هو الفوز العظيم. {بئس المصير}: أي قبح المصير الذي صاروا إليه وهو كونهم أهلاً للجحيم. .معنى الآيات: قل لهم يا رسولنا: {بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤنًَّ بما عملتم} ولازم ذلك الجزاء العادل على كل أعمالكم وهي أعمال فسادة غير صالحة مقتضية للعذاب والخزي في جهنم {وذلك على الله يسير} أي وأعلمهم أن بعثهم وتنبئنهم بأعمالهم وإثباتهم عليها أمر سهل هين لا صعوبة فيه وبعد هذه اللفتة اللطيفة دعاهم دعوة كريمة إلى طريق سعادتهم ونجاتهم فقال عز وجل: {فآمنا بالله ورسوله} أي صدقوا بتوحيد الله وبنبوة رسوله وبالنور الذي أنزلنا وهو القرآن الكريم، واعملوا الصالحات وتباعدوا عن السيئات {والله بما تعملون خبير} أي وسيجزيكم بأعمالكم. وذلك {يوم يجمعكم ليوم الجمع} وهو يوم القيامة ويجازيكم بأعمالكم خيرها وشرها ذلك يوم التغابن الحقيقي حيث يرث أهل الجنة منازل أهل النار في الجنة ويرث أهل النار منازل أهل الجنة في النار، وهذا قائم على أساس أن الله تعالى أوجد لكل إنسان منزلاً في الجنة وآخر في النار، فمن آمن وعمل صالحا دخل الجنة وحاز منزله ومنزل إنسان آخر هو في النار فحصل بذلك الغبن بينه وبين من هو في النار قد ورث منزله فيها وبعد هذا الدعاء الخاص الموجه إلى كفار قريش قال ويعمل صالحاً يكفر عنه سيئاته ويدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم لأنه ناة من النار ودخول الجنة هذا وعده الصادق لمن آمن وعمل صالحاً، وقال: والتكذيب مانع من العمل الصالح قطعاً إذاً {أولئك أصحاب النار خالدين فيها وبئس المصير} النار والخلود فيها هذا وعيده تعالى المقابل لوعده السابق اللهم اجعلنا من أهل وعدك ولا تجعلنا من أهل وعيدك يا واسع الفضل يا رحمن. .من هداية الآيات: 2- تقرير التوحيد والنبوة. 3- بيان كون القرآن نوراً فلا هداية في هذه الحياة إلا به فمن طلبها في غيره ما اهتدى. 4- الترغيب في الإِيمان والعمل الصالح وبيان أنهما مفتاح دار السلام. 5- التحذير من الكفر والتكذيب بالقرآن وشرائعه وأحكامه فان ذلك يقود إلى النار. .تفسير الآيات (11- 13): .شرح الكلمات: {ومن يؤمن بالله يهد قلبه}: أي ومن يصدق بالله فيعلم أنه لا أحد تصيبه مصيبة الا بإذنه تعالى يهد قلبه للتسليم ولارضاء بقضائه فيسترجع ويصبر. {فإن توليتم}: أي عن طاعة الله ورسوله فلا ضرر ولا بأس على رسولنا في توليكم إذ عليه إبلاغكم لا هدايتكم. .معنى الآيات: وقوله تعالى: {والله بكل شيء عليم} فلا يخفى عليه شيء فلا يحدث حدث في الكون الا بعلمه وإذنه وهذه حال تقتضى الرضا بالقضاء والقدر والتسليم لله تعالى فيما يقضى به على عبده وفي ذلك خير كثير لا يعرفه إلا أصحاب الرضا بالقضاء والتسليم للعليم الحكيم. وقوله تعالى: {وأطيعوا الله واطعيوا الرسول} يأمر تعالى عباده عامة بطاعة الله وطاعة رسوله لأن كمال الإِنسان وسعادته مرتبطة بهذه الطاعة التي هي عبارة عن تطبيق نظام دقيق ينتج صفاء روح وزكاة نفس يتأهل بها العبد إلى النزول بالملكوت الأعلى الجنة دار الأبرار. وقوله: {فإن توليتم} أي أعرضتم عن هذه الدعوة فرفضتم طاعة الله ورسوله فلا ضرر على رسولنا ولا ضير إذا عليه البلاغ المبين وقد بلغ مبيناً غاية التبيين، وأما هدايتكم فلم يكلف بها إذ لا يقدر عليها ولا يكلف الله نفساً إلا طاقتها. وقوله تعالى: {الله لا إله إلا هو} أي أن الذي أمركم بطاعته وطاعة رسوله هو الله الذي لا إله إلا هو أي المعبود الذي لا تنبغي العبادة ولا تصلح الا له لأنه الخالق لكم الرازق المدبر لحياتكم، {وعلى الله فليتوكل المؤمنون} فإنه يكفي المؤمن الذي يتوكل عليه يكفيه كل ما يهمه من أمر دنياه وآخرته. ولا كافى إلا هو سبحانه وتعالى. .من هداية الآيات: 2- وجوب الصبر عند نزول المصيبة والرضا والتسليم لله تعالى في قضائه وحكمه، ومن تكن هذه حالُه يهد الله قلبه ويرزقه الصبر وعظيم الأجر ويلطف به في مصيبته وإن هو استرجع قائلاً إنا لله وإنا اليه راجعون أَخلفه الله عما فقده وآجره. 3- وجوب طاعة الله وطاعة رسوله في الأمر والنهي. 4- تقرير التوحيد. 5- وجوب التوكل على الله تعالى وهو فعل المأمور وترك المنهى وتفويض الامر لله بعد ذلك. ولن يكون الا خيراً بإن الله تعالى. .تفسير الآيات (14- 18): .شرح الكلمات: {فاحذروهم}: أي أن تطيعوهم في التخلف عن فعل الخير كترك الهجرة أو الجهاد أو صلاة الجماعة أو التصدق على ذوي الحاجة. {وان تعفوا}: أي من ثبطكم عن الخير من زوجة وولد. {وتصفحوا وتغفروا}: أي وتعرضوا عنهم وتغفروا لهم ما عملوه معكم من تأخيركم عن الهجرة أو الإِنفاق في سبيل الله. {فان الله غفور رحيم}: أي يغفر لمن يغفر ويرحم من يرحم. {إنما أموالكم وأولادكم فتنة}: أي بلاء واختبار لكم فاحذروا أن يصرفوكم عن طاعة الله أو يوقعوكم في معصيته. {والله عنده أجر عظيم}: أي فآثروا ما عنده تعالى على ما عندكم من مال وولد. {فاتقوا الله ما استطعتم}: أي ومن يقه الله شح نفسه فيعافيه من البخل والحرص على المال. {يضاعفه لكم}: أي الدرهم بسبعمائة. {والله شكور حليم}: أي يُجازى على الطاعة ولا يعاجل بالعقوبة. .معنى الآيات: وقوله تعالى: {إنما أموالكم وأولادكم فتنة والله عنده أجر عظيم} أي إنما أموالكم وأولادكم أي كل أموالكم وأولادكم فتنة واختبار من الله لكم هل تحسنون التصرف فيهم فلا تعصوا الله لأجلهم لا بترك واجب ولا بفعل ممنوع، أو تسيئون التصرف فيحملكم حبهم على التفريط في طاعة الله أو التقصير في بعضها بترك واجب أو فعل حرام والله عنده أجر عظيم فآثروا ما عند الله على ما عندكم من مال وودل، إن ما عند الله باق، وما عندكم فانٍ، فآثروا الباقى على الفانى. وقوله تعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم} هذا من إحسان الله تعالى إلى عباده المؤمنين إنه لما علمهم أن أموالهم وأولادهم فتنة وحذرهم أن يؤثروهم على طاعة الله ورسوله علم أن بعض المؤمنين سوف يزهدون في المال والولد، وأن بعضاً سوف يعانون أتعاباً ومشقة شديدة في التوفيق بين خدمة المصلحتين فأمرهم أن يتقوه في حدود ما يطيقون فقط وخير الأمور الوسط فلا يفرط في ولده وماله، ولا يفرط في علة وجوده وسبب نجاته وسعادته وهي عبادة الله تعالى التي خلق لأجلها وعليها مدار نجاته من النار ودخوله الجنة. وقوله تعالى: {واسمعوا} ما يدعوكم الله ورسوله إليه {وأطيعوا وأنفقوا} في طاعة الله من أموالكم خيراً لأنفسكم من عدم الإِنفاق فإنه شر لكم وليس بخير. وقوله تعالى: {ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون} أعلمهم أن عدم الإِنفاق ناتج عن شح النفس، وشح النفس لا يقى منه إلا الله، فعليكم باللجوء إلى الله تعالى ليحفظكم من شح نفوسكم فادعوه وتوسلوا إليه بالإِنفاق قليلاً قليلاً حتى يحصل الشفاء من مرض الشح الذي هو البخل مع الحرص الشديد على جمع المال والحفاظ عليه ومن شفي من مرض الشح أفلح وأصبح في عداد المفلحين الفائزين بالجنة بعد النجاة من النار. وقوله: {إن تقرضوا الله قرضاً حسناً يضاعفه لكم ويغفر لكم} هذا الترغيب عظيم من الله تعالى للمؤمنين في النفقة في سبيله إذ سماها قرضاً والقرض مردود وواعد بمضاعفتها وزيادة أخرى أن يغفر لهم بذلك ذنوبهم، واشتراط الحسن للقرض اشتراط معقول وهو أن يكون المال الذي أقرض الله حلالاً لا حراماً، وأن تكون النفس طيبة به لا كارهة له، وهذا من باب النصح للمؤمنين ليحصلوا على الأجر مضاعفاً وقوله تعالى: {والله شكور حليم} ترغيب أيضا لهم في الإِنفاق لأن لشكور معناه يُعطي القليل فيكافيء بالكثير، والحليم الذي لا يعاجل بالعقوبة. ومثله يقرض القرض الحسن. وقوله: {عالم الغيب والشهادة} ترغيب أيضا في الإِنفاق إذا أعلمهم أنه لا يغيب عنه من أمورهم شيء يعلم الخفي منها والعلنى، وما غاب عنهم فلم يروه وما ظهر لهم فشهدوه فذو العلم بهذه المثابة معاملته مضمونة لا يخاف ضياعها ولا نسيانها. وقوله: {العزيز الحكيم} أي العزيز الانتقام من أعدائه الحكيم في إجراء أحكامه وتدبير شؤون عباده. .من هداية الآيات: 2- الترغيب في العفو والصفح والمغفرة على من أساء أو ظلم. 3- التحذير من فتنة المال والولد ووجوب التيقظ حتى لا يهلك المرء بولده وماله. 4- وجوب تقوى الله بفعل الواجبات وترك المنهيات في حدود الطاقة البشرية. 5- الترغيب في الإِنفاق في سبيل الله تعالى والتحذير من الشح فإنه داء خطير. .سورة الطلاق: .تفسير الآيات (1- 2): .شرح الكلمات: {إذا طلقتم النساء}: أي إذا أردتم طلاقهن. {فطلقوهن لعدتهن}: أي لِقُبُلِ عدتهن أي في طهر لم يجامعها فيه. {وأحصوا العدة}: أي احفظوا مدتها حتى يمكنكم المراجعة فيها. {واتقوا ربكم}: أي أطيعوه في أمره ونهيه. {لا تخرجوهن من بيوتهن}: أي لا تخرجوا المطلقة من بيت زوجها الذي طلقها حتى تنقضي عدتها. {إلا أن يأتين بفاحشة مبينة}: أي إلا أن يؤذين بالبذاء في القول وسوء الخلق، أو يرتكبن فاحشة من زناً بينة ظاهر لا شك فيها. {وتلك حدود الله}: أي المذكورات من الطلاق في أول الطهر وإحصاء العدة وعدم إخراج المطلقة من بيتها حتى تنقضي عدتها. {لا تدرى لعلّ الله يحدث بعد أمراً}: أي يجعل في قلب الزوج الرغبة في مراجتها فيراجعها إذا لم ذلك تكن الثالثة من الطلقات. .معنى الآية: وقوله تعالى: {وتلك حدود الله} أي المذكورات من الطلاق لأول الطهر، وإحصاء العدة، وعدم إخراجهن من بيوتهن، وقوله: {ومن يتعد حدود الله} فيتجاوزها ولم يقف عندها فقد ظلم نفسه وتعرض لعقوبة الله تعالى عاجلا أو آجلاً. وقوله تعالى: {لا تدرى لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً} أي بأن يجعل الله تعالى في قلب الرجل رغبة في مراجعة مطلقته فيراجعها، وفي ذلك خير كثير. .من هداية الآية: 2- أن يكون الطلاق واحدة لا اثنتين ولا ثلاثاً. 3- وجوب إحصاء العدة ليعرف الزوج متى تنقضي عدة مطلقته لما يترتب على ذلك من أحكام الرجعة والنفقة الإِسكان. 4- حرمة إخراج المطلقة من بيتها الذي طلقت فيه إلى أن تنقضي عدتها إلاَّ أن ترتكب فاحشة ظاهرة كزناً أو بذاءة أو سوء خلق وقبيح معاملة فعندئذ يجوز إخراجها. .تفسير الآية رقم (3): .شرح الكلمات: {فأمسكوهن بمعروف}: أي بأن تراجعوهن بمعروف من غير ضرر. {أو فارقوهن بمعروف}: أي أتركوهن حتى تنقضى عدتهن ولا تضاروهن بالمرجعة. {وأشهدوا ذوى عدل منكم}: أي اشهدوا على الطلاق وعلى الرجعة رجلين عدلين منكم أي من المسلمين فلا يشهد كافر. {وأقيموا الشهادة لله}: أي لا للمشهود عليه أوله بل لله تعالى وجده. {ذلكم يوعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الآخر}: أي ذلكم المذكور من أول السورة من أحكام يؤمر به وينفذه من كان يؤمن بالله واليوم الآخر. {ومن يتق الله}: أي في أمره ونهيه فلا يعصه فيهما. {يجعل له مخرجاً}: أي من كرب الدنيا والآخرة. {ويرزقه من حيث لا يحتسب}: أي من حيث لا يرجو ولا يؤمل. {فهو حسبه}: أي كافيه ما يهمه من أمر دينه ودنياه. {قد جعل الله لكل شيء قدراً}: أي من الطلاق والعدة وغير ذلك حداً وأجلاً وقدراً ينتهى إليه. .معنى الآيتين: وقوله تعالى: {ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب} هذه الآية نزلت في عوف بن مالك الأشجعي أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال يا رسول الله إن ابني أسره العدو وجزعت أمُّهُ فبم تأمرني؟ قال: «آمرك وإياها أن تكثروا من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله». فقالت المرأة نعم ما أمرك به فجعلا يكثران منها فغفل العدو عن ابنهما فاستقا غنمهم وجاء بها إلى أبويه فنزلت هذه الآية، وهي عامة في كل من يتق الله تعالى فإنه يجعل له من كل ضيق مخرجاً ومن كل كرب فرجا، ويرزقه من حيث لا يرجو ولا يؤمل، ولا يخطر له على بال، ومن يتوكل على الله تعالى في أمره فلا يفرط في أمر الله، ولا يضيع حقوقه فإن الله تعالى يكفيه ما يهمه من أمر دينه ودنياه، وقوله تعالى: {إن الله بالغ أمره} أي منفذ أمره في عباده لا يعجزونه أبداً، وقد جعل لكل شيء قدراً أي مقداراً وزماناً ومكاناً فلا يتقدم ولا يتأخر، ولا يزيد ولا ينقص فمن رضى فله الرضا، ومن سخط فله السخط، ولا يقع في ملك الله الا ما يريد الله. .من هداية الآياتين: 2- لا تحل المراجعة للإِضرار، ولكن للفضل والإِحسان وطيب العشرة. 3- مشروعية الإِشهاد على الطلاق والرجعة معاً. 4- يشترط في الشهود العدالة، فإذا خفت العدالة في الناس استُكْثِرَ من الشهود. 5- وعد الله الصادق بالفرج القريب لكل من يتقه سبحانه وتعالى، والرزق من حيث لا يرجو. 6- تقرير عقيدة القضاء والقدر. 7- كفاية الله لمن توكل عليه.
|